البيان «المفخخ»

البيان «المفخخ»

البيان «المفخخ»

 لبنان اليوم -

البيان «المفخخ»

بقلم : عريب الرنتاوي

في التاسع من أيار الجاري، أصدر الوزيران جون كيري وسيرغي لافروف بياناً مشتركاً هدف إلى استنقاذ التهدئة المترنحة، واستئناف مسار جنيف التفاوضي ... السلطات السورية استجابت للبيان بإعلان هدنة الـ “72” في حلب، والمعارضة أبدت الاستعداد للمشاركة في جنيف إن عمّ وقف إطلاق النار الأراضي السورية جميعها، وأدخلت المساعدات إلى المناطق المحاصرة.

البيان المذكور، تضمن التزامات مشتركة، تقوم بموجبها الولايات المتحدة بالضغط على حلفائها لمنع إمداد الفصائل المصنفة إرهابية في مجلس الأمن (داعش والنصرة) أساساً، بالمال والعتاد والرجال، وإغلاق حدودها في وجه مقاتلي هذه الفصائل، في المقابل، تعهدت روسيا بالضغط على حليفها السوري، لمنع استخدام الطيران في المناطق المأهولة بالمدنيين، أو تلك التي تتواجد فيها الفصائل المنضوية تحت لواء التهدئة.

الطرفان اتفقا على أنهما سيتخذان إجراءات لصياغة (فهم مشترك للتهديد النابع عن تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” الإرهابيين وتحديد الأراضي التي يسيطر عليها هذان التنظيمان) وتحدثا عن أنهما سيدرسان (خيارات الأعمال الحازمة ضد التهديد الذي التنظيمان لسوريا والأمن الدولي).

اتفاق التهدئة بشروطه الإضافية الواردة في البيان المذكور، لا يعمل لصالح النظام السوري ... في البدء حدّ الاتفاق بصيغته الأولى من اندفاعة الجيش وحلفائه على عدة جبهات ومحاور، والآن، يجري تجريد الجيش من أحد أهم عناصر تفوقه، سلاح الطيران، بالنص على عدم استخدامه في المناطق المأهولة أو تلك التي تتواجد فيها فصائل مسلحة قابلة بالتهدئة او مشاركة في مسار جنيف، وهنا تجدر الإشارة إلى اثنين من هذه الفصائل هما جيش الإسلام وأحرار الشام، يشكلان مع النصرة، العمود الفقري للفصائل الإسلامية الجهادية، وهما قابلان لفظاً بالتهدئة، وإن كان عملياً، يقاتلان إلى جانب “النصرة” ومن نفس خنادقها.

لذلك، لاحظنا أن هناك “تململاً” وتذمرا” في صفوف النظام وحلفائه، انعكست في بعض ما يقال من تصريحات ويكتب من مقالات، بأفواه وأقلام، كتاب وسياسيين ومحللين، محسوبين على هذا المعسكر ... بل وثمة ما يؤكد بأن إيران التي منيت بضربات جسيمة على جبهة خان طومان، تبدو بدورها في حالة “تفلت” من التهدئة، واستعداد لـ “الثأر” لقتلاها وجرحاها وأسراها الذين تساقطوا بالجملة، في أوسع عملية لخرق التهدئة، على هذا المحور.

ثمة أمران “لا واقعيان” في البيان الروسي – الأمريكي المشترك ... الأول، ويتصل بإغلاق الحدود في وجه مقاتلي داعش والنصرة، لا أحد سيعترف بأنه يفتح حدوده لهذين التنظيمين، حتى أن رجب طيب أردوغان زعم بأن بلاده قاتلت داعش كما لم تفعل دولة غيرها، وأسقطت ثلاثة آلاف قتيل في صفوف التنظيم، بالقصف المدفعي بعيد المدى (؟!) ... أما النصرة، فهي حليف مباشر وغير مباشر، لمحور بأكمله، يبدأ من تركيا ودول الخليج ولا ينتهي بإسرائيل التي تتعامل مع النصرة، بوصفها خط دفاع أول في وجه مقاتلي حزب الله على جبهة القنيطرة – الجولان.

أما الأمر الثاني، فيتعلق بفرز المعارضة “المعتدلة” عن النصرة، طالما أن داعش “مفروز” إيديولوجياً وجغرافياً، مثل هذا المطلب يبدو عصياً على التحقيق، فلا المعارضة بصدد إعلان “الانفصال” إيديولوجياً، وهي المتماثلة أو المتشابهة على أقل مع النصرة، إيديولوجياً، ولا النصرة لها في مصلحة في الانفصال الجغرافي الذي سيعرضها لأفدح التهديدات، والقتال على محاور حلب وريفها وريف اللاذقية وأطراف إدلب، وحّد النصرة بهذه التنظيمات، في إطار جيش الفتح وغيره من “التحالفات المحلية”، ولا أعرف كيف يمكن لراعيي التهدئة ومسار جنيف، أن يُفعّلا عملية الفصل والانفصال، وعن أية “أعمال حازمة” ضد التنظيميين، يتحدث البيان المشترك.

تهدئة الساعات الـ 72 تنتهي اليوم، وسط ضغوط كبرى على النظام وحلفائه لتمديدها، فيما التقدم الذي حققه النصرة و”جيش الفتح”، سيجعل من الصعب على هذه الأطراف أن تظل تخضع لإملاءات الراعي الروسي، سيما وأن داعش على جبهات أخرى، يحرز تقدماً، في ريف حمص وحقولها النفطية، ويكاد يبدد “نصر تدمر” بعد أن قطع طريقها الدولي مع حمص.

ستسقط التهدئة عاجلاً وليس آجلاً، لأن التعهديات التي أخذها الراعيان على عاتقيهما، من النوع الذي سيصعب الوفاء به، خصوصاً حين يتصل الأمر بفرز غث الجهاديين عن سمين المسلحين “المعتدلين” أو حين يتعلق الحال، برغبة الأطراف الإقليمية في تحويل معركة حلب إلى “أم المعارك”، التي تتقرر بنتيجتها، مسارات الأزمة السورية واتجاهات تطورها في المرحلة المقبلة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البيان «المفخخ» البيان «المفخخ»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon