الشرعية البرلمانية بعد أن عزّت شرعية الشارع

"الشرعية البرلمانية" بعد أن عزّت "شرعية الشارع "

"الشرعية البرلمانية" بعد أن عزّت "شرعية الشارع "

 لبنان اليوم -

الشرعية البرلمانية بعد أن عزّت شرعية الشارع

بقلم : عريب الرنتاوي

لست سنوات خلت، خلا البرلمان من ممثلي جماعة الإخوان والمسلمين وحزبها السياسي ... هذه فترة قصيرة بعمر الزمن، بيد أنها طويلة جداً بحساب التطورات الجذرية المتلاحقة التي ضربت المنطقة بمجملها، وأهمها على الإطلاق، قصة صعود وهبوط الإسلام السياسي عموماً، والإخواني على نحو خاص.

لم يمض وقت طويل على انتخابات 2010، حتى اندلعت ثورات الربيع العربي وانتفاضاته، يومها لم يشعر “الإخوان” بأي فارق بين المقاطعة والمشاركة، انتقلوا إلى الشارع، وراهنوا على “ِشرعيتهم الشعبية” الآخذ بالاتساع بقوة زخم إقليمي منقطع النظير، تمثل في وصول إلى الجماعات الشقيقة في مصر وتونس والمغرب للسلطة على “بساط الربيع”، وقبلها كانت حماس وصلت السلطة في غزة، وإخوان العراق مثلوا “سنته العرب” في العملية السياسية، أو معظمهم على الأقل.

لكن الأمر بدأ يصبح مختلفاً تماماً بعد مقاطعة انتخابات 2013 بوقت ليس بعيد ... آخذ المنحى البياني لصعود الجماعات الإسلامية في العالم العربي بالهبوط، واشتدت حملات “شيطنة” الإخوان المسلمين في عديد من الدول العربية، وصولاً إلى “قواعدهم الخلفية” في بريطانيا والولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى ... واشتدت حملات “نزع الغطاء” أو بالأحرى “نزع الشرعية” عن الجماعة في الأردن ... انحسر الربيع العربي وهدأت الشوارع وأفلت نجوم الحراكات الشبابية والشعبية في الأردن.

في مناخات كهذه، لم يعد الرهان على “الشرعية الشعبية” أو “شرعية الشارع” أمراً ممكنا، بل بات خياراً مكلفاً جداً، وكلفته مرشحة للتصاعد كل يوم، مع تبدل أولويات الأردنيين، لصالح الأمن والاستقرار على حساب الحرية والديمقراطية والحقوق، والاقتصاد على حساب السياسة ... لم يبق للجماعة سوى أن تعود للبحث عن شرعيات أخرى، تخرجها من موسم الانحسار والانكماش، بأقل قدر من الخسائر، حتى لا نقول للحفاظ على الرأس وتفادي خيارات الحظر والادراج في القوائم السوداء كما هو حالها في عدة بلدان عربية.

في هذا السياق، يمكن أن نفهم حصول قرار المشاركة في الانتخابات على تأييد ثلاثة أرباع أعضاء مجلس شورى الجماعة ... وهو القرار الذي جاء متناغماً على ما يبدو، مع نتائج الاستفتاء الداخلي الذي أجرته الجماعة لقواعدها وكوادها بهذا الخصوص ... وهو أمرٌ ينم عن إدراك أفضل لخطورة المرحلة التي تمر بها الجماعة في الأردن والمنطقة من جهة، واستدارك متأخر لما يمكن تداركه من تداعيات “القطيعة” بين النظام السياسي والجماعة الإسلامية.

أما وقد آلت الأمور إلى ما آلت إليها داخل الجماعة، فإن السؤال الذي يطرح نفسها بإلحاح هو: هل ترغب “الدولة” حقاً بمشاركة الجماعة ممثلة بحزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات المقبلة، وهل تريد أن ترى ممثليها تحت قبة البرلمان الثامن عشر؟
رسمياً، لن تجيب الحكومة والناطقون باسمها بغير ما عهدنها من تصريحات ومواقف تتحدث عن “سيادة القانون” و”عدم الاستهداف” وغير ذلك ... أما عملياً، فلدى الحكومة وسائل عديدة أخرى، تجعل من قرار المشاركة “انتحاراً سياسياً” لا تقل خطورته وتداعياته عن قرار المقاطعة، ذلك إن هي أرادت

بيد أنني أظن، وليس كل الظن إثم، أن الحكومة ليست بوارد قطع الطريق على مشاركة الحزب في الانتخابات والوصول إلى قبة البرلمان، سيما بعد أن ضمنت “بالقانون” عدم حصوله على كتلة برلمانية وازنة ... فقد تكون المشاركة المضبوطة و”المحسوبة” خياراً أفضل من خيار دفع الجماعة للمقاطعة والمقامرة بتلقي الاتهامات بتنظيم انتخابات “غير مكتملة النصاب والمقاييس والمواصفات”.

ربما هنا، وهنا بالذات، تلتقي مصلحة الجماعة بالمشاركة مع مصلحة الحكومة بإنجاح الاستحقاق الانتخابي، وهي من المرات القليلة التي تلتقي فيها مصالح الفريقان عند نقطة واحدة، حتى لا نقول من المرات النادرة، الأمر الذي يدفع على الاعتقاد بأننا قد نكون أمام موسم انتخابي ساخن نسبياً، وموعدنا في العشرين من أيلول/ سبتمبر المقبل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرعية البرلمانية بعد أن عزّت شرعية الشارع الشرعية البرلمانية بعد أن عزّت شرعية الشارع



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon