تركيا وإسـرائيل  عودٌ على بدء

تركيا وإسـرائيل ... عودٌ على بدء

تركيا وإسـرائيل ... عودٌ على بدء

 لبنان اليوم -

تركيا وإسـرائيل  عودٌ على بدء

بقلم : عريب الرنتاوي

طوت تركيا وإسرائيل صفحة من “العلاقات المأزومة”، امتدت لسنوات ست، أعقبت حادثة “مافي مرمرة” ... الاتفاق بين الجانبين ذلل ما تبقى من عقبات، والأيام الأخيرة، شهدت زيارات علنية ولقاءات سرية في أنقرة وروما وغيرهما من العواصم، بما يسمح باستئناف نشط وكثيف للعلاقات الثنائية بين الدولتين.

بالعودة إلى الاتفاق المذكور، يصعب القول إن التنازلات التي قدمها الجانبان، جاءت متكافئة، أو أنهما التقيا في نقطة في منتصف الطريق بينها ... إسرائيل نجحت في انتزاع تنازلات تركية أكبر من تلك التي قدمتها لأنقرة، مستفيدة من مناخات العزلة الإقليمية والدولية التي تعيشها حكومة العدالة والتنمية، والحاجة التركية الماسّة للاستثمار في “كربون البحر المتوسط” واستنفاذ ما يمكن ان يوفره من مزايا ومنافع لأنقرة.

حصلت تركيا بموجب الاتفاق على اعتذار وتعويض (21 مليون دولار)، وأمكن لها أن تقنع إسرائيل بمواصلة علاقاتها مع حماس، ولكن على المستوى السياسي فقط، وبما يخدم مساعي التهدئة بين الحركة وإسرائيل، ويساعد لاحقاً في البحث عن حلول سياسية لأية أزمات قادمة ... أي أن أنقرة، التي لم تبتلع الشرط الإسرائيلي بقطع علاقاتها مع حماس، تعهدت في المقابل، بتوظيف هذه العلاقات، من أجل تدوير الزوايا الحادة في مواقف الحركة، إن اقتضت الضرورة ذلك، وهذه نسخة غير مزيدة وغير منقحة، للرواية القطرية لعلاقة الدوحة بحركة المقاومة الإسلامية – حماس.

هذا بالنسبة للاتفاق، أما ما هو خارجه، فتركيا تنتظر تطوير علاقاتها الاقتصادية والتجارية والسياحية مع إسرائيل، وتراهن على فرص الاستفادة من نفط المتوسط وغازه ... والجدير بالذكر، أن علاقات أنقرة مع إسرائيل، ازدهرت في السنوات الست الفائتة، اقتصادية وتجارياً، على الرغم من التراشق السياسي والإعلامي الحاد بين الجانبين... ومن المرجح في مناخات الانفراج القائمة ومرحلة ما بعد الاتفاق، أن تشهد هذه العلاقات تطوراً سريعاً وملحوظاً.

أخفقت تركيا في محاولتها إقناع إسرائيل بـ “رفع الحصار عن قطاع غزة”، وهو الشرط الثالث الذي وضعه رجب طيب أردوغان وتلميذه أحمد داود أوغلو لاستئناف العلاقات وإنجاز المصالحة مع تل أبيب ... كل ما قبلت به إسرائيل، هو السماح لأنقرة بفتح مستشفى في القطاع، وربما تزويده بالطاقة من خلال سفينة عائمة ... وتوريد بضائع ومساعدات لأهل القطاع، بعد أن تخضع لفحص أمني في ميناء أسدود.

والحقيقة أن لا المستشفى ولا توريد البضائع عبر ميناء إسرائيلي، يمكن اعتبارهما إنجازاً مهماً لحكومة العدالة والتنمية، فالمستشفى الميداني الأردني، الذي اتسعت مجالات اختصاصه وعالج عشرات ألوف الحالات، يعمل منذ سنوات في قطاع غزة، ومن دون ضجيج سياسي أو إعلامي يذكر ... أما حكاية دخول البضائع بعد فحصها في ميناء أسدود، فقد كان معروضاً على حماس من ضمن مبادرات عديدة سابقة، شارك فيها وسطاء دوليون كثر، لكن ما رفضته الحركة بوصفه انتقاصاً من مطلب “رفع الحصار”، عادت لتقبل به من جديد، لا لشيء إلا لأنه يصدر عن تركيا الصديقة، برئاسة حكومتها الإسلامية، الراعي الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة.

في المقابل، حصلت إسرائيل على تعهد من تركيا بعدم السماح لأي من قادة حماس الأمنيين والعسكريين بالإقامة في تركيا، أو مزاولة أية أنشطة انطلاقاً من أراضيها ... وتعهدت تركيا لإسرائيل، بعدم القيام بأية أنشطة ضدها في المحافل والأروقة الدولية ...وهما القضيتان اللتان طالما أزعجتا إسرائيل مؤخراً، واستخدمتهما للتحريض على حكومة العدالة والتنمية والرئيس أردوغان.

خلاصة القول، يمكن القول إن الصفقة التي جرى التوصل إليها بين أنقرة وتل أبيب، هي صفقة جيدة لطرفيها، وتخدم مصالحهما الاقتصادية والسياسية المشتركة، بعيداً عن ضجيج الإيديولوجيا و”الشعاراتية المفرطة” ... ومن حق الفلسطينيين، وأهل غزة على نحو خاص، أن يفكروا بالصفقة من منظور مصالحهم الخاصة، وما إذا كانت تخدم هذه المصالح أم لا، ودائماً من دون انحيازات إيديولوجية مسبقة، لا وظيفة لها سوى حجب الرؤية واستلاب القدرة على التحليل الملموس للواقع الملموس.

من حق الفلسطينيين، وأهل القطاع على نحو خاص، أن يسألوا حماس عن السبب الذي جعلها تقبل اليوم، أو على الأقل تبتلع على مضض، اتفاقاً سبق لها أن رفضته عندما عرض عليها من أطراف إقليمية ودولية أخرى .... وأخيراً، إنها مناسبة من تذكير من قضوا السنوات الخمس الأخيرة في التصفيق والتطبيل والتهليل لأردوغان، بأن الوقت قد حان لقراءة موضوعية للرجل والتجربة، وبفرض أنه جيد لتركيا، وكاتب هذه السطور يعتقد أنه عبءُ عليها وليس ذخراً لها، ولكن بفرض أنه جيد لبلاده، فهل من معنى لاستمرار النظر إليه بهذه “الصورة الخلاصية” لفلسطين والعرب والمسلمين؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا وإسـرائيل  عودٌ على بدء تركيا وإسـرائيل  عودٌ على بدء



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon