موسكو وواشنطن  «تفاهمات بالتقسيط»

موسكو وواشنطن ... «تفاهمات بالتقسيط»

موسكو وواشنطن ... «تفاهمات بالتقسيط»

 لبنان اليوم -

موسكو وواشنطن  «تفاهمات بالتقسيط»

بقلم : عريب الرنتاوي

راهنّا وكثيرون غيرنا، على “توافق روسي أمريكي” قمين بتوفير قاطرة الحل السياسي للأزمة ... يبدو أن كافة الأفرقاء المصطرعين في سوريا، في طريقهم إلى إنجاز توافقاتهم قبل أن يتسنى لموسكو وواشنطن أن تنجزا توافقاتهما أو تفاهماتهما الشاملة... سيما وأن أطراف النزاع كافة، باتت تمتلك “هوامش مناورة”، لم تكن تتمتع بها من قبل.

بعد كل لقاء بين كيري ولافروف، يخرج علينا المسؤولون من كلا الطرفين بتصريحات تفيد بـ “إحراز تقدم”، وتؤكد أن ما تبقى على طريق إنجاز التفاهم الأكبر والأشمل، ليس سوى بعض “اللمسات التقنية الأخيرة”، التي سيتولى الخبراء والفنيون من كلا الجانبين إنجازها ... ما أن تنتهي موجة التصريحات المتفائلة تلك، وحتى قبل أن يجف حبرها، يخرج علينا من العاصمتين، من يقول بأن المسافة ما زالت طويلة، وأن “لا صحة للأنباء عن اتفاق أو تفاهم” ... آخر الأمثلة على هذا الوضع الميؤوس منه، ما صدر في الأيام القليلة الفائتة من أنباء عن اتفاق روسي أمريكي لتوجيه ضربات مشتركة للإرهاب، سرعان ما تنصل منها الجانبان.

الغريب أن إخفاق الدولتين الأعظم، راعيتي عملية جنيف و”الأزمة السورية”، في إنجاز اتفاقهما، يأتي في غمرة الأنباء والتقارير التي تتحدث عن تفاهمات إقليمية يجري التوصل إليها بالجملة والمفرق ... إذ هناك من يؤكد على سبيل المثال، أن العلاقة بين طهران وأنقرة، في أحسن حالاتها، وأن مساحة التفاهم بينهما، تتخطى مصلحتهما المشتركة في الحيلولة دون قيام كيان كردي في شمال سوريا، يتهدد وحدة كل منهما الترابية والوطنية ... وهناك من يذهب به “المخيال السياسي” حد التبشير بـ “صفقة” سورية تركية، تعود بموجبها حلب إلى حضن النظام السوري، مقابل إطلاق يد تركيا في شمال سوريا لضرب “التهديد المشترك” للجانبين: الكيان الكردي العتيد.

التفاهمات الإقليمية المتشكلة أو قيد التشكل، تستدرج تفاهمات بين اللاعبين “اللادولتين”، حزب الله يوجه “رسالة تصالحية” لحركات الإسلام السني المسلحة وغير المسلحة، سلفية وإخوانية، للمراجعة والتقويم، ويمد يده لها لحوار ينتهي إلى مصالحة ... وأنباء الشمال السوري، لا تستبعد حدوث أوسع عملية إعادة اصطفاف للتحالفات الميدانية بين الفصائل المحاربة، على خلفية الانعطافة في الموقف التركي، وكنتيجة للتفاهمات الإقليمية المذكورة.

والحقيقة أن ثمة ما يشي بأن اللاعبين الإقليميين الكبار، وبالأخص تركيا وإيران، في طريقهم للإفلات من قبضة الضغوط والقيود التي يفرضها عليهم اللاعبون الدوليون الأكبر ... العلاقة الأمريكية – التركية تخرج من نفق لتدخل في آخر، ومن أزمة إلى أخرى ... واشنطن لم تحترم خيوط أنقرة الحمراء، وأنقرة قررت الرد بالمثل حين أدخلت دباباتها وطائراتها إلى ميدان الحرب ضد حلفاء واشنطن الأكراد، وصولاً إلى مشارف منبج ... والمتوقع أن تعمد تركيا على توسيع “هامش مناورتها” والإبقاء على مسافة بينها وبين كل من واشنطن و”الناتو”، كما تشير لذلك تطورات الميدان وما يصاحبها ويعقبها ويمهد لها، من مواقف سياسية.

في المقابل، أظهر الخلاف الروسي – الإيراني حول “قاعدة همدان” أن لإيران مخاوفها التي لا يمكن إخفاؤها من “تسويات” و”صفقات” يمكن أن يبرمها حليفها الروسي في سوريا، على حسابها وبالضد من مصالحها ... ولهذا قررت أن تبعث برسائلها المقروءة في ثنايا التصريحات التي صاحبت وقف استخدام سلاح الجو الروسي للقاعدة الإيرانية

طرفا الصراع السوري المحليين، النظام والمعارضة، يقفان بالمرصاد لكل هذه التطورات، التي ستنعكس بصورة مباشرة على “موازين القوى” المتحكمة بلعبة الحرب والسلام في بلادهم ... النظام، يراقب عن كثب “التحولات” في مواقف أنقرة، والمؤكد أن الاستدارة التركية إن حصلت، ستوفر له “طاقة فرج” لم تعرف مثلها منذ اندلاع الأزمة ... الأمر الذي تخشاه المعارضة تماماً وتتحسب له بكل قلق ... والتنافس الإيراني – الروسي سيوفر له هامش مناورة وحرية حركة بين أهم حليفين له إقليمياً ودولياً ... أما الأنباء عن فتور في علاقات الرياض بأنقرة، وتراجع في الدور السعودي على الساحة السورية (البعض يضيف اليمن كذلك) فهي تهبط برداً وسلاماً على صناع القرار السياسي والأمني السوري.

على أية حال، ثمة مروحة من الخلافات و”تباين الأولويات” التي ما زالت تباعد ما بين واشنطن وموسكو  في سوريا وحولها، باتت معروفة للقاصي والداني، منها مصير الأسد في نهاية مطاف الأزمة، وفرز الفصائل المسلحة “المعتدلة” عن الإرهابية ابتداءً ... لكن في ظني أن هذا هو الجزء الظاهر من الخلاف، فثمة أسباب اعمق للتباعد، أهمها أن كلتا العاصمتين تنظران للأزمة السورية من منظار كوني أوسع، يمتد من أوكرانيا إلى توسعة الناتو مروراً بالقرم ونشر الصواريخ إلى غير ما هنالك، أما السبب الثاني، فيتعلق بانعدام التوافق داخل أروقة صنع القرار الأمريكي، فما يأتي به كيري، ليس بالضرورة هو ما يريده البيت الأبيض أو البنتاغون أو بقية مراكز القرار والتأثير في واشنطن، الأمر الذي يفسر قول الشيء ونقيضه في غضون مسافة من الزمن لا تتخطى الساعات الأربع والعشرين ... ولعل آخر وأبرز مثال على هذا التضارب، هو ما حصل بعد التصريح بقرب توجيه ضربات مشتركة للإرهاب، وقبلها كان جو بايدن “يعطي الأتراك من طرف اللسان حلاوة” حول عملية “درع الفرات”، قبل أن تعود الانتقادات الأمريكية لتنهمر على تركيا ورئيسها، الأمر الذي لا يليق بالدولة الأعظم.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو وواشنطن  «تفاهمات بالتقسيط» موسكو وواشنطن  «تفاهمات بالتقسيط»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon