أســـئــلـــة «المقترح السعودي»

أســـئــلـــة «المقترح السعودي»

أســـئــلـــة «المقترح السعودي»

 لبنان اليوم -

أســـئــلـــة «المقترح السعودي»

عريب الرنتاوي

يثير المقترح السعودي بتشكيل قوة برية تقاتل داعش في سوريا، العديد من الأسئلة والتساؤلات، السياسية والقانونية والتقنية، التي يتعين الإجابة عليها، قبل الحكم على جدية الفرص التي يتوفر عليها، أو طبيعة التحديات التي سيواجهها.
ممن تتشكل هذه القوة ابتداءً؟ ... لا تتوفر المملكة وبعض الدول العربية الأقرب لها، على “المقدرات البشرية” التي تمكنها من تشكيل هذه القوة، سيما وأنها وحلفاءها، ما زالوا عالقين بين جبال اليمن ووديانه ... المملكة تراهن على حسم الملف اليمني في الربيع المقبل، لكن أحداً ليس بمقدوره أن يضمن ذلك، ولقد سبق للرياض أن بنت حساباتها على حسم الحرب في غضون أسابيع، فإذا بها تقترب من إتمام عامها الأول... معنى ذلك، أن مركز الثقل في القوة المقترحة، سيكون إقليمياً، هذه المرة تركيا ستكون من أول المرشحين للقيام بدور أساسي، مع كل ما يستجره ذلك، من تداعيات خطيرة، من بينها حرب روسية – تركية محتملة، ستأكل الأخضر واليابس، إن اندلعت.
تحت أي مظلة ستتشكل هذه القوة؟ ... المؤكد أنها مظلة “فوق قومية”، طالما أنها مفتوحة لمشاركة دول إسلامية عديدة، مجلس الأمن، لن يعطي تفويضاً لتشكيل هذه القوة إن لم ترض عنها موسكو وبكين ... التحالف الدولي ربما كان المظلة الأكثر ترجيحاً، لكن من دون توافق روسي – أمريكي، يبدو من الصعب أن تشرع واشنطن في استجلاب النار إلى براميل الزيت الساخنة في الشمال السوري ... مرة أخرى، ستكون العقدة الروسية في منشار “المقترح” السعودي.
من أين ستدخل هذه القوة إلى سوريا لمحاربة داعش؟ ... البوابة الوحيدة الممكنة هي البوابة الحدودية التركية مع سوريا، داعش هناك، وليست على الجبهة الجنوبية، والأردن مضطر لأن “يعد للألف” قبل أن يفتح حدوده لمقترح كهذا، بالنظر لارتداداته الخطيرة على أمنه واستقراره ووجوده... دعونا نتخيل دخول قوات تركية – عربية إلى شمال سوريا، كيف سترتسم الاصطفافات والتحالفات الجديدة، كيف ستكون مواقف الكرد في سوريا وتركيا والعراق وحلفاؤهم، وكيف ستتصرف إيران وحلفاؤها، وكيف ستتحرك روسيا للتعامل مع هذا “التهديد” الذي سيأكل كل ما ترتب على “مغامرة القيصر السورية”.
أي تفويض سيُمنح لهذه القوة؟ ... هل ستحصل الرياض على ضوء أخضر أمريكي لتشكيلها نظير التزامها بمحاربة داعش، ومحاربة داعش وحده دون سواه؟ ... هل ستقبل الرياض وحلفاؤها بذلك، وهم الذين ما انفكوا يقيمون التماثل بين تهديد داعش وتهديد الأسد، ويعتبرون التهديد الأخير، أخطر من الأول، بل والسبب في تفاقمه ... أي إحراج هذا؟ ... قتال داعش واستثناء قوات الأسد، هل ستصب القوة البرية الحبّ في طاحونة “المحور الآخر”؟
وهل سيتوزع هذا “التفويض” على مرحلتين؟ ... كأن تخصص الأولى للحرب على داعش، فيما تتفرغ القوة البرية بعد ذلك، لقتال النظام وحلفائه، تحت شعار “إعادة التوازن” إلى المعادلات السورية التي اختلت كثيراً في الآونة الأخيرة؟ ... ربما يُطرب طرح كهذا الإدارة الأمريكية ومجموعة أصدقاء سوريا، ولكن ماذا عن إيران وروسيا والنظام في دمشق، هل هم من السذاجة، بحيث يقبلون شراء “تفويض متعدد المراحل” كهذا؟ ... هل يمكن أن تنطلي عليهم، لعبة:”اليوم داعش، وغداً لكل حادث حديث؟”.
يتحدثون عن 150 ألف جندي، هو قوام القوة البرية المقترحة.... في اليمن، وحيث امتلكت السعودية تفويضاً دولياً لحفظ خاصرتها الجنوبية الضعيفة، لم تنجح المملكة في حشد هذه القوة، واضطر بعض حلفائها للاستعانة بـ “بلاك ووتر” لجلب مزيد من “المقاتلين في سبيل الحرية” ... ماذا عن سوريا، المهمة أصعب بلا شك، والتردد والتحفظ سيطبعان مواقف الدول الحليفة، من ماليزيا حتى الباكستان، مروراً بمصر والأردن وربما بعض دول الخليج ذاتها .... هي تركيا التي يمكن أن تحدث فرقاً، وهي تركيا التي يمكن أن تقلب “المقترح” السعودي رأساً على عقب.
إن قُدّر لهذا المقترح، بعد “الترحيب” الأمريكي المفتوح، أن يجد طريقه للترجمة، فإننا سنكون أمام “سياسة حافة الهاوية”، التي قد تستجر المنطقة برمتها إلى أتون حرب إقليمية شاملة، وربما تشعل شراراتها حرباً بين العملاقين، يجهد الكبار في تحاشيها بكل ثمن وتحت أي ظرف ... ولهذا يمكن القول، إنه بالقدر الذي يثير فيه المقترح ارتياح بعض المتحمسين لحسم الحرب ضد التحالف الروسي – الإيراني – السوري، بقدر ما ينتج هذا المقترح، ومن داخله، عوامل تعثره و”لا واقعيته”.
لا أحد، بمن في ذلك أشد المتحمسين للحرب على الإرهاب، اشترى حكاية أن هذه القوة إنما تسعى في قتال داعش وتطهير سوريا منها ... الجميع يعرف تمام المعرفة، أن وظيفة هذه القوة الأولى، إن لم نقل الأولى والأخيرة، هي استعادة التوازن المختل إثر التدخل العسكري الروسي في سوريا، وقطع الطريق على الاختراقات الكبرى التي حققها الجيش السوري مؤخراً على جبهات عديدة ... ولأن الصورة على هذا القدر من الوضوح، فإن عراقيل وعقبات ستنتصب في وجه هذا المقترح، قد تسقطه في مهده، وإن أخفقت، فستدخل المنطقة برمتها مرحلة “الرقص على حافة الهاوية”.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أســـئــلـــة «المقترح السعودي» أســـئــلـــة «المقترح السعودي»



GMT 19:08 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

أحلام هنا وكوابيس هناك

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

الأردن... والجبهة البديلة

GMT 03:54 2024 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

ليس لنا إلا أنفسنا؟!

GMT 18:50 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

جولة بلينكن!

GMT 18:14 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

العرب وغزة..”وين الملايين..”!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon