أما وقد صمتت المدافع

أما وقد صمتت المدافع!

أما وقد صمتت المدافع!

 لبنان اليوم -

أما وقد صمتت المدافع

عريب الرنتاوي

يجادل البعض، ببراءة أو عن “غرض”، بأن المقاومة قامرت بحياة ما يقرب من ألفي شهيد وعشرة آلاف جريح، لتعود فتقبل في نهاية الأسبوع الرابع للحرب الإسرائيلية الثالثة على غزة، ما سبق لها أن رفضته في الأسبوع الأول للحرب، وقبل أن يبلغ التقتيل والتدمير والتهجير، هذا المستوى، بالغ الوحشية والبربرية .... لسان حال هذا البعض يقول: لقد كان بإمكانكم توفير الكثير من الدماء، لو أنكم حكّمتم صوت المصلحة الوطنية والعقل، ونحّيتم جانباً حساباتكم الفصائلية ومتطلبات تحالفاتكم الإقليمية ... فهل هذا صحيح؟
من دون اغفال الحسابات الفصائلية و”فواتير” الاحلاف والمحاور، نقول إنها نظرية “متهافتة” لا تصمد طويلاً أمام الوقائع والمعطيات التي تكشف عنها العدوان والمقاومة .... قبول المقاومة الفلسطينية بالمبادرة المصرية، لم يكن ليفضي تلقائياً إلى وقف العدوان، ولقد كان بمقدور إسرائيل أن تستمر في حربها على غزة، لأسابيع عديدة، تحت ظلال التفاوض على شروط وقف النار و متطلباته، ولدينا في حرب غزة الأخيرة، وفي مسلسل العدوانات والحروب الإسرائيلية السابقة على الفلسطينيين واللبنانيين والعرب، ما يكفي من شواهد وأدلة، تبرهن بما يقطع الشك باليقين، بأن قبول إسرائيل بالهدنات والتهدئات، لا يساوي الحبر الذي كتب فيه، وهذا أولاً.
أما ثانياً، وبفرض صمود وقف النار، فإن جملة المطالب التي أجمع الشعب الفلسطيني عليها، ما كان لها أن تتصدر مائدة المفاوضات والمحادثات، وكانت لتبقى تفصيلاً صغيراً على جدول أعمال المبادرة المصرية والمفاوضات الخاصة بها، ولكانت إسرائيل عاودت ممارساتها الاحتلالية من دون رادع أو وازع من أخلاق أو ضمير، بما في ذلك، تشديد الحصار ومعاودة العدوان.
نعلم أن الثمن باهظ للغاية، وقد دفعه الفلسطينيون من دماء أطفالهم ونسائهم ورجالهم، ومن بيوتهم وممتلكاتهم وحصاد أعمارهم ... لكننا نعلم أيضاً أن هذا الثمن، ما كان له أن يكون باهظاً إلى هذا الحد، لو أن بعض العرب، بادروا إلى إسناد غزة وأهلها ومقاومتها، ولم يستمرئوا الجلوس على مقاعد المتفرجين، وبعضهم أوغل في استكمال حروب المذاهب والمحاور في الإقليم.
هؤلاء يريدون تقريع المقاومة وتحميلها وزر الجريمة الإسرائيلية النكراء ... يلومون الضحية التي تتلقى الضربات وتدفع الأثمان من لحم أبنائها الحي، ويجدون العذر والتبرير للمجرم والقاتل .... هؤلاء شركاء في الجريمة ... هؤلاء شركاء في سفك الدم الفلسطيني في قطاع غزة... لقد شاهدنا هذا “الفيلم”، سيئ الإخراج، على جبهة أخرى من قبل، في لبنان وفي العام 2006 تحديداً.
لم تذهب دماء شهداء غزة وجرحاها سدى ... إسرائيل التي دخلت الحرب لإلحاق ضربة استراتيجية بالمقاومة، فشلت في تحقيق ذلك فشلاً ذريعاً، وباعتراف مسؤولين ووزراء وجنرالات ومحللين ... إسرائيل التي أرادت بحربها المجنونة على القطاع، أن تعيد ترميم الصورة الردعية لجيشها الذي لا يقهر، حصدت نتائج مغايرة تماماً، فصورتها الردعية باعتراف قادتها، تعرضت لمزيد من التهميش والتهشيم .... وإذا كانت دولة الاحتلال والعنصرية تحتاج لعام أو عامين كفاصل بين عدوانين على القطاع، فإنها ستحتاج إلى أضعاف هذه المدة، قبل أن تفكر بإعادة الكرة من جديد ضد القطاع وأهله ومقاومته.
كان يمكن للمقاومة الفلسطينية أن تقبل بالمبادرة المصرية كما هي وفور إطلاقها، استناداً لسابقة 2012، لكن أحداً ليس بمقدوره الادعاء بأن إسرائيل كانت ستوقف حربها على غزة صبيحة اليوم التالي من جهة، كما أن أحداً من جهة ثانية، لن يكون بمقدوره الجزم، بأن مطالب الفلسطينيين برفع الحصار و”العقوبات الجماعية” المفروضة القطاع، كانت ستلقى أذنا صاغية، لا من قبل إسرائيل والمجتمع الدولي، ولا حتى من قبل بعض العواصم العربية.
على أية حال، المعركة لم تضع أوزارها بعد، وما يجري في القاهرة من مفاوضات ومساومات، لن يقل ضراوة عن المعارك التي شهدتها الشجاعية وخزاعة ورفح ... والمأمول أن يأتي الأداء السياسي للمفاوض الفلسطيني بنفس براعة المقاتل الفلسطيني وتصميمه على أرض الميدان والجبهات ... فإسرائيل التي فشلت عسكرياً في تحقيق أيٍ من الأهداف الكبرى لحربها على غزة، ستحاول أن تنجح في تحقيقه على مائدة المفاوضات، وستجد من بين الوسطاء العرب والدوليين، من سيساعدها على ذلك، وكلٍ لأهداف وحسابات وحساسيات، خاصة به ... ومثلما ظلت المقاومة تطلق صواريخها حتى ربع الساعة الأخير للمعارك، فإن على المفاوض الفلسطيني أن يظل مستمسكاً بمطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه، حتى الرمق الأخير، وربع الدقيقة الأخير.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أما وقد صمتت المدافع أما وقد صمتت المدافع



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:55 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:15 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 لبنان اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon