اجتماعات عمان التفاوض بالنار

اجتماعات عمان: "التفاوض بالنار"

اجتماعات عمان: "التفاوض بالنار"

 لبنان اليوم -

اجتماعات عمان التفاوض بالنار

عريب الرنتاوي

يمكن للمراقب لنتائج الاجتماع الوزاري لـ"مجموعة روما" في عمان، أن يلخصها بكلمتين اثنتين: "التفاوض بالنار". المجموعة الأكثر نفوذاّ في المشهد السوري (إلى جانب روسيا وإيران وحزب الله على الضفة الأخرى بالطبع)، قررت الذهاب إلى "جنيف 2"، بعض اطرافها تجرّع الكأس على مضض، بعد أن ألغى من حساباته، وإلى الأبد، فكرة الجلوس على مائدة واحدة مع ممثلي نظام الأسد..لكنه لم يتخل عن رهاناته بعد، وهو ما زال على التزامه بـ "تخريب العملية السياسية من داخلها"، إن استطاع لذلك سبيلا..هم أذكى من أن يقدموا على خيار "المقاطعة" أو إدارة الظهر، لذا قبلوا ركوب القارب، على أمل التجديف بعكس التيار. بيد أن المجموعة التي تتقاسم "ولاءات المعارضة السورية" بأقساط متفاوتة، أجمعت على وجوب العمل لمنع انهيار المعارضة، ومن منطلق أنه لا يجوز السماح للنظام بالقدوم إلى جنيف متوجاً بأكاليل النصر، فيما خصومه من المعارضات السورية، يجرجرون أذيال الهزائم التي منيوا بها خلال الأسابيع القليلة الفائتة، وعلى مختلف الجبهات. لذا، صدر أمر العمليات، وهذه المرة من واشنطن وباريس ولندن، لعمل كل ما من شأنه "إعادة بناء توازنات القوى على الأرض"، لإقناع الأسد (إرغامه)، على إعادة النظر في حساباته السياسية، كما درجت واشنطن على القول، والاختيار بين الحل السياسي المؤلم له ولنظامه، أو الذهاب إلى مواجهات مفتوحة مع معارضة مسلحة، ومدعومة بقوة من حلف دولي – إقليمي – عربي وازن. في ضوء هذه القراءة، قد يتأخر التئام شمل "جنيف 2"، فنحن اليوم في ذروة سباق مع الزمن، بين الرصاص والدبلوماسية..النظام (ومن خلفه حلفاؤه) يسعى في استكمال إنجازه الاستراتيجي على جبهة حمص – القصير، توطئه لما بعد، وما بعد بعد، معركة القصير...فيما المعارضة (ومن خلفها جبهة الأصدقاء)، تسعى في الثبات على الأرض، والتقاط الأنفاس، ورد الهزيمة بهجوم مضاد، إنفاذاً لنبوءة  جون كيري: التقدم الذي أحرزه النظام على الأرض، "مؤقت". وربما تكون مشاركة إيران من عدمها في "جنيف 2"، هي واحدة من القضايا التي قد تملي تأجيل "فنياً" لانعقاده، ربما إلى أواخر حزيران / يونيو المقبل، بدل مطلعه..لكن أهمية هذا العامل، تراجعت مؤخراً في ضوء الكشف عن هوية من أجيز لهم خوض غمار التنافس الانتخابي على الرئاسة الإيرانية، إذ لم يبق سوى ممثلي ومرشحي التيار المحافظ، بمدارسه وأولوانه ومرجعياته المختلفة. على أية حال، يتضح الآن أن قبول وزراء "مجموعة روما" المشاركة في "جنيف 2"، لم يعد خبراً ساراً بالنسبة لدعاة الحل السياسي للأزمة السورية، فالطريق إلى جنيف، ومن ثم إلى الحل السياسي الشامل، باتت مشروطة بصولات وجولات ميدانية قاسية وعنيفه، طالما أن المطلوب هو إعادة بناء المعارضة وتسليحها وتدريبها، وبقرار غربي هذه المرة، بعد أن ظل الأمر مقتصراً تقريباً على دول المحور القطري – السعودي – التركي...وسنكون قبل نهاية الشهر الحالي، أمام أكثر من "جسر جوي" لتدعيم المعارضة، وتعزيز قدراتها على استعادة زمام المبادرة، ما لم يقبل الأسد طائعاً وبالدبلوماسية، ما سبق أن رفضه بالحرب والحصار وتحت أقصى الضغوط: التنحي تحت مسميات مختلفة: لا دور له في مرحلة الانتقال ولا بعدها، حكومة الصلاحيات الكاملة الانتقالية، حيث سيطلب من الأسد تسليم الجيش والأجهزة الأمنية لها، وبالطبع التخلي عن موقعه كـ"قائد أعلى للقوات المسلحة السورية". مثل هذه الاشتراطات، لم يقبلها الأسد وهو في ذروة ضعفه وعزلته، فكيف سيقبلها الآن، فيما قواته تحقق اختراقات على الأرض، مدعومة بمشاركة الحلفاء من لبنان وإيران، وبالسلاح الروسي "الكاسر للتوازنات" وفقاً للمصطلح الإسرائيلي العسكري الدارج. على أن للدبلوماسية سحرها وأدواتها، ولها أيضاً ما يليق بها من لغة مزدوجة وحمّالة أوجه..ومن يتابع تصريحات جون كيري على سبيل المثال، يرى أنها ليست من صنف وطراز تصريحات حمد – أوغلو – هيغ – فابيوس – الفيصل..فهل ثمة ما يمكن أن يوحي بأن واشنطن وموسكو قررتا "استدراج" حلفائها إلى "فخ جنيف 2" أولاً، ومن بعدها يأتي الدور على المساومات والمقايضات؟..هل قررت العاصمتان الروسية والأمريكية، أن تدفعا بحلفائهما لتجرع "تفاهماتهما"، جرعة وراء جرعة. واشنطن على ما يتضح، أخذت على عاتقها إقناع تركيا بالتخلي عن تحفظاتها والمشاركة في "جنيف 2"، وهذا ما نجح أوباما في فعله مع رجب طيب أردوغان في واشنطن مؤخراً..هي لا تحتاج إلى كبير عناء لتبريد "الرؤوس العربية الحامية"، فمكالمة هاتفية واحدة، تكفي لخفض درجات حراراتها إلى ما دون "معدلها السنوي المعتاد"..لكن واشنطن تريد من هذه الأطراف، التي تكاد تمتلك قرار معارضة الخارج وتستخوذ عليه، أن تلعب دوراً في إقناع المعارضة بتوسيع نطاق تمثيلها، والذهاب إلى جنيف من دون تردد، وهذه كانت في الأصل، وظيفة أساسية لاجتماعات عمان لوزراء خارجية "مجموعة روما". ملامح الدور الأمريكي بموجب تفاهمات موسكو، باتت واضحة، وتكاد تكون معروفة..لكننا لا نعرف في المقابل، ما الدور الذي سيتعين على موسكو أن تقوم به؟..هل يكفي أنها أقنعت دمشق بالمشاركة في "جنيف 2"؟..هل ستواصل الضغط من أجل "حكومة الصلاحيات الكاملة"، من يقنع الرئيس الأسد بالتخلي عن "قيادته العامة"، والانضمام إلى قائمة "العاطلين عن العمل السياسي"؟..هل بلغ الجانبان الروسي والأمريكي ضفاف التوافق على مستقبل الأسد الشخصي، أم أن الأمر ما زال رهيناً لتطورات الميدان التي ستقرر وتحسم جدل الفنادق وخلافات الغرف المغلقة. كلما اقتربنا من "جنيف 2"، وكلما كثر الحديث عن الحل السياسي، كلما زاد المشهد السوري غموضاً، وكلما عنفت المواجهات واشتدت حدة المعارك، وكلما راجت تجارة السلاح ونشطت طرق التهريب..وكلما تعين على السوريين دفع المزيد من دماء وحيوات أبنائهم وبناتهم، وقوداً لحربهم الأهلية وحروب الآخرين عليهم. نقلا عن موقع القدس للدراسات السياسية

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اجتماعات عمان التفاوض بالنار اجتماعات عمان التفاوض بالنار



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon