الأردن وسورياهل تبدلت المعادلات

الأردن وسوريا..هل تبدلت المعادلات؟

الأردن وسوريا..هل تبدلت المعادلات؟

 لبنان اليوم -

الأردن وسورياهل تبدلت المعادلات

عريب الرنتاوي

فجأة، بدا أن انقلاباً شاملاً قد وقع، وأخرج الحرب المستعرة في سوريا عن سياقها الدامي الممتد منذ عامين أو يزيد..الأردن يغادر مربع الحذر والتحفظ، ويقرر الانخراط في "ميدانيات الأزمة"..الرئيس السوري "يهدد" بنقل النار السورية عبر الحدود إلى الأردن..الولايات المتحدة ترسل مئتي جندي، توطئة لنشر عشرين ألفاً آخرين، مدججين بـ"الباتريورت" وكل ما يقتضية "غزو سوريا" براً وجواً..الإعلام العربي والدولي يستنفر كما لم يفعل منذ اندلاع الأزمة، وخطاب الأسد ووصول الجنود الأمريكيين يتحولان إلى ما يشبه الإعلان عن "حالة حرب" بين البلدين، حتى أن زيارة الملك إلى واشنطن، ولقاءاته مع "أركان الإدارة الأمريكية" تحوّل عند بعض وسائل الإعلام "المُستعجلة" إلى لقاءات مع هيئة أركان الجيوش الأمريكية، في إيحاء مقصود أو ساذج، عن الطابع الحربي، لا السياسي للزيارة. هل ثمة فعلاً ما يدعو لكل هذه "الإثارة"..هل تبدّل سياق الأزمة السورية وخرج عن سكته الدامية التي سار عليها طوال العامين الفائتين؟..هل قرر الأردن استراتيجياً، الانتقال من "الحذر" إلى "التورط"؟..هل تخلت واشنطن عن حذرها العميق حيال خيارات العسكرة والتسلح والتدخل العسكري، لتتبنى فكرة "الحسم العسكري" والتدخل بدءاً من جنوب سوريا/ شمال الأردن؟..هل انتهت الدبلوماسية والحوار الروسي الأمريكي والرهانات على "جنيف 1" و"جنيف 2"؟. نبدأ بخطاب الأسد، أو بالأخرى بمقابلته التلفزيونية مع قناة "الإخبارية" السورية..كثيرون رأوا في أقوال الرئيس السوري "تهديداً فظاً" للأردن، وتعبيراً عن "حال العزلة والإنكار والانفصال"، ولجوءاً إلى "خيار شمشمون وهدم المعبد"..من وجهة نظري، لم أر في المقابلة التي تابعتها بعقل بارد، ما رآه هؤلاء..قرأت توصيفاً دعائياً للمشهد السوري و"تحذيراً" للأردن من مغبة الخضوع لمحور عربي/إقليمي/غربي، يسعى وراء الحسم والتصعيد، وتحويل الوضع على الحدود الأردنية السورية إلى ما يشبه الوضع على الحدود السورية – التركية. الأسد لعب بورقة القاعدة، مستفيداّ من تكاثر التقارير والتأكيدات التي صدرت مؤخراً مُجمعةً على تنامي دور "النصرة" وتحولها إلى فصيل مقاتل رئيس في المعارضة المسلحة السورية..هو فعل ذلك و"النصرة" في طور جنيني، فلماذا لا يفعله الآن، وقد تحوّلت النصرة إلى "بعبع" يخيف الغرب والشرق على حد سواء؟. الأسد تحدث عن ارتداد كرة النار إلى الملاعب التي انطلقت منها..ألم يقل ذلك في خطابات سابقة..أليس هذا هو جوهر الخطاب السياسي/ الدعائي السوري، منذ اندلاع الأزمة، وبالأخص منذ تفاقمها؟..ما الجديد الذي جاء به الأسد، وكيف تولّد الإحساس بأن الرجل ذاهب إلى "خيار شمشون" وأن لحظة هدم المعبد قد أزفت، وأن النظام في دمشق، قلق حد التوتر من "غزوة أمريكية" تبدأ من حدود الأردن مع سوريا وصولاً لدمشق. في المشهد الميداني، سجل النظام تقدماً ملموساً، لا نقول استراتيجياً على المعارضات المسلحة على معظم الجبهات..ملف "أم المعارك" في دمشق، طوي تكتيكياً والمعارضة عادت للحديث عن "القضم المتدرج" و"الكر والفر" والاستنزاف" بعد أن كانت تتوعد بالحسم النهائي..في حلب وجوارها وصولاً لإدلب، اختراقات مهمة يحققها الجيش النظامي، ومعارك حمص تعكس الطبيعة الاستراتيجية لقرار النظام بحسم المعركة لصالحه، وحتى في درعا وريفها، ثمة ما يشير إلى دخول وحدات "نخبة" سُحبت عن جبهة الجولان للقتال في هذه المناطق، التي تشهد الآن عمليات كر وفر، مرشحة لأن تكون مديدة ومريرة. سياسياً، يتفاقم قلق الغرب والعالم من تنامي دور النصرة، ويؤثر ذلك سلباً على وضع المعارضة وموقعها، فرنسا الأكثر حماساً للتسلح، قالت على لسان رئيسها وزير خارجيتها، أنها بصدد مراجعة الموقف..واشنطن ما زالت على ترددها وارتباكها ومراوحتها، والخيار العسكري ما زال "آخر الخيارات"، وهو لن يكون أولها إلى واحدة من حالتين: أن يلجأ النظام لاستخدام أسلحة كيماوية ضد معارضيه، أو أن يفقد سيطرته عليها فتقع في "الأيدي الخطأ"..من دون ذلك، يبدو صعباً التكهن بقرب معركة "الحسم" "والتدخل" و"الغزو" سياسياً أيضاَ، يأتي الحديث عن "التهديد" و"التصعيد" و"الحسم" و"الغزو" في لحظة ما زالت الأنظار فيها تتجه صوب الحوار الروسي – الأمريكي، المتوقع أن يشهد انطلاقة نوعية بعد قمة بوتين – أوباما بعد عدة أسابيع..والمؤكد أن التصعيد الميداني في الحرب السورية، هو شكل من أشكال "التفاوض بالنار"، لتحسين الأوراق والشروط، والمؤكد أن "غزواً" و"حسماً" كالذي جرى الحديث عنه بقوة خلال الأيام القليلة الفائتة، لن يكون أبداً قراراً سهلاً، بل ولن يكون قراراً بلا تداعيات ستطاول الإقليم برمته..وكلما ارتفعت كلفة هذا القرار وزادت المخاطر والتداعيات المترتبة عليه، كلما تراجعت فرص اتخاذه. أردنياً، هل ثمة انقلاب ذي طبيعة استراتيجية في الموقف الأردني..الجواب من وجهة نظري، أن ثمة تحول في الموقف الأردني، ذي طبيعة تكتيكية (دفاعية)، أملتها عوامل ثلاثة: الأول، ويتعلق بالوضع الميداني في مناطق جنوب سوريا، حيث يخشى الأردن من تحوّلها إلى "أنبار ثانية"..والثانية، ويتعلق بتفاقم عبء قضية اللجوء السوري إلى الأردن وحاجة الأردن للبحث عن حلول ومخارج أخرى، غير تحمله أكلاف هذه المشكلة وتحدياتها..والثالث: الضغوط القديمة والجديدة التي تبني على الضائقة المالية والاقتصادية، ويسعى ممارسوها في توظيف أزمة الأردن الداخلية، لتوريطه في أزمات المنطقة الخارجية (سوريا حصراً) لا أحسب أن من مصلحة الأردن "التورط" في ثنايا ودهاليز الأزمة الأزمة السورية، والخروج عن منهج "إدارة مصالحة وحساباته الأمنية والاقتصادية والاجتماعية"، والبقاء عن حدود هذا "التحول التكتيكي" المفهوم والمبرر..ولا أحسب أن صناع القرار في الدولة، لا يدركون عظم العواقب والعقابيل، وإلا لما "صمد" الأردن طوال عامين في وجه ضغوط المحور السعودي – القطري الدافعة باتجاه التورط والتوريط. الخلاصة، أن تزامن تصريحات الأسد مع الكشف عن وصول 200 جندي أمريكي للأردن، فتحت الباب لفيض من التكهنات والتحليلات، المتسمة بالتسرع و"التطيّر" و"الإثارة"..في ظني أن لحظة "الحسم" في الأزمة السورية، لم تحن بعد، وأن ما شهدناه من تطورات في الساعات الماضية، لا يعدو كونه تحولاً تكتيكياً في السياق الاستراتيجي ذاته. نقلا عن مركز القدس للدراسات السياسية

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن وسورياهل تبدلت المعادلات الأردن وسورياهل تبدلت المعادلات



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon