الرئـيــس و«الهــبّــة» «التفهـّم» وحــده لا يكـفــي

الرئـيــس و«الهــبّــة»... «التفهـّم» وحــده لا يكـفــي

الرئـيــس و«الهــبّــة»... «التفهـّم» وحــده لا يكـفــي

 لبنان اليوم -

الرئـيــس و«الهــبّــة» «التفهـّم» وحــده لا يكـفــي

عريب الرنتاوي

انتقل الرئيس الفلسطيني محمود عباس من موقع “الرافض” و”المُحذّر” من الانتفاضة الثالثة، إلى موقع “المُتفهم” لها، وهذا ما عدّه كثيرون”نقلة” نوعية هامة، في “تفكير” الرئيس الرئيس، يعبر عن إحساس “جوّاني” عميق، بالخيبة والفشل، بعد سنوات طوال من الرهان على فرس المفاوضات الخاسر،... “نقلة” قد تؤسس كما يأملون، إلى ولوج عتبات استراتيجية وطنية جديدة لمواجهة الاحتلال والاستيطان على طريق حرية الفلسطينيين واستقلالهم.

في تصريحاته الأخيرة، تحدث الرئيس عباس عن “هبّة جماهيرية”، وأعرب عن “تفهمه” للدوافع التي ترسل بالشباب والشابات إلى “خطوط التماس”، وهي بالمناسبة ذات الدوافع والأسباب، التي أسهمت في إحداث النقلة في مواقف الرئيس نفسه: الاستيطان الزاحف، العدوان والانتهاكات المتكررة على الشعب وحقوقه ومقدساته، انسداد الأفق وغياب أي ضوء في نهاية النفق، الضائقة والحصار اللذان يعتصران أهل غزة والقدس والضفة الغربية، وليس القطاع وحده ... الغطرسة والعنجهية والعنصرية التي تفوح رائحتها النتنة في التشريعات والإجراءات والممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، حالة الاهتراء والتهرّؤ العربية، تخاذل المجتمع الدولي وخذلانه له ولشعبه.

من باب الإنصاف، فإن الرئيس عباس فإن ما نطق الرئيس عباس، كان يجول بصدره منذ عدة أشهر، وربما منذ عام أو عامين، عندما بدأ يتحدث لأول مرة، عن مقاومة شعبية سلمية، ولقد استمعت إليه شخصياً، يتحدث عن الحاجة لمثل هذه المقاومة، وعن تقاعص “الإخوة والرفاق” عن تلبية هذه الحاجة، أو ربما عجزهم عن فعل ذلك ... اليوم، يبوح الرئيس علناً بما تردد على لسانه في مجالسه الخاصة والمغلقة.

ومن باب الانصاف أيضاً، أن الرئيس نطق بخلاف ما طلبت إليه، عواصم شقيقة و”صديقة” عديدة، وضعته خلال الأشهر الثلاث الفائتة، في أضيق الزوايا، وطالبته باستئناف دوره المعتاد في مثل هذه “الهبّات” والحالات، وتجديد التزاماته السابقة التي طالما عبّر عنها، وبعبارات لطالما استفزت مشاعر قطاع واسع من الفلسطينيين، لعل أهمها تأكيده المتكرر على أنه لن يسمح بانتفاضة ثالثة، طالما ظل على رأس السلطة وسدة القرار، وتنديده الفوري والسريع، بأي فعل فلسطيني مقاوم، تفوح منه رائحة “العنف” او الدم” ... الرئيس كان عرضة لضغوط عربية ودولية، وما يزال، وبأشكال صور وشتى، ومن القريب قبل البعيد، لكنه مع ذلك، خرج إلى الملأ بخطاب مغاير لما أراده هؤلاء، بل ولما اعتاد على قوله وترديده، وتلكم نقطة تحسب له لا عليه.

لكن الرئيس مع ذلك، لم يخرج في تناوله لـ “الهبة الجماهيرية” عن موقع “المحلل السياسي” إلى موقع “الزعيم السياسي”، لم يخاطب الشباب والشابات الذين سقط منهم العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى والأولوف من المعتقلين، خلال  أقل من ثلاثة أشهر فقط، من موقع “القائد العام”، الذي يحضهم على مواصلة الكفاح والمواجهة، ويدعوهم للخروج بمئات الألوف إلى الشوارع والحواري، بل آثر النظر إلى المسألة وتناولها بعيون “المراقب العام”، ومن موقع “المُتفهم”، وهذا لا يكفي على الإطلاق، إن لم نقل أنه يعكس حالة “فراغ قيادي مبكر”.

كان يتعين على الرئيس أن يصارح شعبه بدقائق الحال الفلسطيني، وأين انتهت مسيرة نصف قرن من كفاح الحركة الوطنية الفلسطينية من أجل الحرية والاستقلال، وان يضعهم في صورة “الخطوط العريضة” على أقل تقدير، لاستراتيجية المرحلة القادمة، والتي نعتقد، ويعتقد كثيرون مثلنا، أن الانتفاضة، يجب أن تكون عمودها الفقري، والرافعة الكبرى التي تنهض عليها وتنهض بها من جديد، الحركة الوطنية الفلسطينية ... الرئيس لم يفعل ذلك، وبدا كما لو أنه يبحث لنفسه عن “عذر” يجيب به مجتمع “الضاغطون”  الذين يستعجلون دوره في إخماد الحريق الذي أشعله الإسرائيليون، وتصدى له شبان فلسطينيون بصدورهم العارية وقبضاتهم التي تمسك على جمر القضية والحقوق.

كان يتعين على الرئيس أن يطلب إلى مختلف فئات الشعب الفلسطيني، وفي شتى أماكن تواجدها، أن تبادر إلى اجتراح الأنماط والوسائل الكفاحية التي تنتصر بها لثورة الشباب والصبايا من “جيل أوسلو”، حتى لا تستفرد إسرائيل بطلائع هذا الجيل، ولكي لا يتركوا وحدهم في الصفوف الأمامية للمواجهة، ومن أجل أن يدرك القاصي والداني، أننا أمام ثورة شعب بأكمله، وليس أمام “ذئاب متفردة ومستوحشة”، تمتشق السكاكين والحجارة، كما تسعى إسرائيل في تصويرهم، وكما تردد واشنطن الأكاذيب الإسرائيلية، بلسان أمريكي مبين.

نحن نقدر بلا شك، الضغوط التي يتعرض لها الرئيس، ونحن نعرف عن بعضها وليس عن جميع صورها وأشكالها ومصادرها، ونقدر كذلك الأسباب التي تدفعه لاختيار عباراته وكلماته، بميزان دقيق كميزان الذهب .... لكننا في المقابل، نرى أن قضية شعب فلسطين، قضية الحرية والاستقلال باتت في “كفّة” وكل تلك الحسابات والاعتبارات في “كفّة” ثانية، والمؤكد أن سننحاز إلى الكفة الأولى، ومن دون تردد، سيما بعد ربع قرن من سياسات “المجاراة” و”المسايرة” و”التساوق” التي لم تفض إلى شيء، سوى تفشي سرطان الاستيطان والعنصرية والتطرف الذي يضرب عميقاً في ثنايا وتلافيف المجتمع الإسرائيلي.

نتفق مع الرئيس في “التحليل”، ولقد سبقناه إليه، مثل كثيرين غيرنا ... لكننا نتوقع منه أن ينتقل خطوة إضافية إلى الأمام، وأن يترك أمر “التحليل” لمئات الخبراء والمحللين الذين يتكاثرون كالنبت الشيطاني على شاشات المذاهب والمحاور والعواصم العربية والإقليمية، وان يتفرغ لدور “القيادة” الذي انتخب من أجل القيام به، بدءا بالعمل على منع حدوث “فراغ قيادي” وتأمين انتقال سلس للمهمات والرايات، فالمتلهفون والمتربصون بـ “مرحلة ما بعد عباس” كثر، وأكثرهم من الناطقين بلسان الضاد.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئـيــس و«الهــبّــة» «التفهـّم» وحــده لا يكـفــي الرئـيــس و«الهــبّــة» «التفهـّم» وحــده لا يكـفــي



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon