جنيف اليمني نصف فشل ونصف نجاح

جنيف اليمني... نصف فشل ونصف نجاح

جنيف اليمني... نصف فشل ونصف نجاح

 لبنان اليوم -

جنيف اليمني نصف فشل ونصف نجاح

عريب الرنتاوي

لم يتمخض مؤتمر جنيف عمّا كان مرجوّاً منه: اتفاق لوقف إطلاق، أو أقله هدنة إنسانية تغطي شهر الصوم وعيد الفطر، بالطبع لم يكن منتظراً من المؤتمر والمؤتمرين التوصل إلى حل شامل لأزمة اليمن في بضع جلسات، وربما لهذا السبب بالذات، وصف بالفاشل ... لكن المؤتمر أصاب النجاح، حين وضع اليمنيين لأول مرة منذ اندلاع الأزمة، على سكة الحوار والبحث عن حل سياسي توافقي للأزمة التي تعصف في بلادهم بـ “حزم”، وأسس لجهود لاحقة، من المنتظر أن تتواصل في مسقط وجنيف، إلى حين إنضاج شروط تسوية يقبل بها ويطمئن إلى نتائجها، اليمنيون بمختلف مشاربهم.
ما كان للحوثيين وأنصار الرئيس صالح، أن يسلموا بشرعية “فريق الرياض”، ولا أن يقبلوا باشتراطات “عاصفة الحزم” بعد ثلاثة أشهر من الحصار والضربات الجوية والصاروخية الموجعة، وإلا لًعُدّ الأمر هزيمة نكراء، ولكان خصومهم قد انتزعوا على مائدة المفاوضات في جنيف، ما لم يتمكنوا من الاستحصال عليه، في ساحات الحرب الممتدة بامتداد التراب والأجواء والمياه الإقليمية اليمنية.
وما كان للسعودية في المقابل، أن تسمح للحرب بأن تضع أوزارها من دون أن تخرج بمكسب بيّن، يبرر الحرب على اليمن بأكلافها السياسية والمعنوية والمادية والأخلاقية الباهظة .... فالسعودية تريد لبعض أهداف الحرب أن يتجسد على أرض اليمن، إن بانسحابات واسعة أو حتى محدودة، لكنها كافية لإعلان النصر ووقف القتال ... الوسيط الأممي أخفق في اجتراح الصيغة التي توفق ما بين الحدود الدنيا لمطالب مختلف الأفرقاء.
ولكي لا نلوم الوسيط أو نقتله، فإن الأطراف ما زالت على ما يبدو، على استعداد لخوض غمار جولة جديدة من الحرب، لتحسين شروط التفاوض وتعديل “مواصفات الصفقة ومقاييسها” ... لكأن اليمن، مقبل على الدخول في جولة سباق محموم بين المدافع والدبلوماسية ... وقد نشهد تصعيداً ميدانياً خطيراً في قادمات الأيام، تزامناً مع استمرار الجهود المبذولة لتجسير الفجوات وإحداث التقارب بين الأطراف.
مقومات الحل في اليمن واضحة، بل وشديدة الوضوح لمن أراد الخير لهذا البلد الذي ارتبطت السعادة باسمه أكثر من غيره ... لكنها بحاجة لإرادة سياسية يمنية وإقليمية، تضع مصلحة اليمن وشعبه، في صدارة الأولويات والحسابات، بعيداً عن حروب الوكالة وصراع الضواري على السلطة والنفوذ، بعيداً عن الحسابات المذهبية والجهوية الحاكمة لمواقف الأطراف والمقررة لسلوكهم.
وحدة اليمن وسيادته واستقلاله، هي نقطة البدء في معادلة الحل ... لكن هيهات أن يعود اليمن لأشكال الوحدة الفوقية – المركزية المفروضة على مختلف مكوناته ... الفيدرالية هي الحل لأزمة اليمن، وتوزيع البلاد على الأقاليم يجب أن يستند إلى معايير، ليس من بينها تهميش فريق أو تحجيم طائفة أو ضرب هوية فرعية، خرائط الفيدرالية يجب أن تكون متجردة من حسابات إفقار بعض المناطق إمعاناً في عزلها ومحاصرتها، وإثراءً لمناطق أخرى، يظن البعض أن فيها حواضن له من الأهل والعشيرة ... تجربة الأقاليم الستة، كانت تفوح برائحة الأجندات الخبيئة والخبيثة، ولهذا صارت سبباً في المشكلة بدل أن تكون مدخلاً للحل.
واليمن في ظل هذا التنوع السياسي والفكري والجهوي والمذهبي، لا يمكن أن يحكم بسلطة استبدادية، ولا يمكن لفريق أن يستأثر بحكمه بالضد من إرادة ومصلحة ورغبة الأفرقاء الأخرين ... توزيع السلطة عامودياً وأفقياً، ومعها توزيع الثروة بعدالة على المناطق والفئات والجهات، هو المدخل الذي يجب أن تلجه أية مصالحة أو تسوية مستدامة للأمة اليمنية ... اليمن الموحد، إما أن يكون ديمقراطياً وفيدراليا، أو لا يكون.
لو ترك اليمنيون وشأنهم، لأمكن لهم أن يتوصلوا إلى حلول وفاقية لمشكلاتهم، لكن اليمن، شأنه في ذلك شأن مختلف ساحات الانفجار والتفجير في العالم العربي، تحوّل إلى ساحة لحروب الوكالة، وعلى اليمنيين أن يدركوا أن ليس من مصلحة بعيدة لا على المدى المباشر ولا على المدى البعيد، أن يكون ذراعاً في يد هذه العاصمة الإقليمية ولا حديقة خلفية لتلك العاصمة العربية ... ولقد رأى اليمنيون رأي العين، كيف تتحول بلادهم إلى حطام وأنقاض جراء قبولهم، أو بعضهم، الاندراج في لعبة المحاور والمعسكرات المحتربة وحروب الوكالة، وعليهم أن يبرهنوا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن الحكمة يمانية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنيف اليمني نصف فشل ونصف نجاح جنيف اليمني نصف فشل ونصف نجاح



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon