سوريا  حروب الكيانات الثلاثة

سوريا ... حروب الكيانات الثلاثة

سوريا ... حروب الكيانات الثلاثة

 لبنان اليوم -

سوريا  حروب الكيانات الثلاثة

عريب الرنتاوي

تُعطي خرائط القتال على مختلف الجبهات السورية، صورة تقريبية عن مستقبل البلاد ومالات الحرب المحتدمة فيها وعليها ... في شمالي البلاد وشمالها الشرقي، يخوض السوريون الأكراد حرب "تحرير غرب كردستان"، وإرهاصات الكيان الكردي باتت أوضح من أن تحجبها التصريحات الدبلوماسية والمواقف المراوغة والمناورة لأصحابها ... وفي وسط سوريا وغربها، تدور معارك الكيان العلوي – المسيحي، المتصل جغرافياً بشيعة لبنان في بعلبك والهرمل ... وما بين الكيانين "الأقلويين"، يمتد الشريط السنيّ ذي الغالبية السكانية، من دون أن تتضح صورته وخرائطه المستقبلية، وما إذا كان سيظل كياناً واحداً، أم سيتوزع بدوره على كيانات أصغر وإمارات وممالك تتنازعها "النصرة" و"دولة العراق" و"إخوان سوريا" و"حزب التحرير" ... كما أن أحداً لا يعرف بعد، الكيفية التي سينبثق بموجبها "الكيان الدرزي" جنوباً، وأية صلات سيحتفظ بها مع دروز فلسطين ولبنان. صورة قاتمة بلا شك، فيها من التشاؤم والتطيّر والمبالغة ما فيها ... بيد أنها باتت حديث المراقبين والمحللين الاستراتيجيين، وموضوع دراسة لمستقبل سوريا والمنطقة تجريها مراكز أبحاث وتفكير استراتيجية، بعد ثلاثين شهراً من الاحتراب الأهلي المرير والدامي، وفي ظل تفاقم حدة وأشكال التدخل الخارجي في مجريات الحرب في سوريا وعليها. الكيان الكردي في شمال وشمال شرق سوريا، بات من حقائق السياسة السورية، أياً كانت هوية الفائز في حربها الأهلية السورية، إن كان هناك من فائز في هذه الحرب المجنونة ... فلا النظام قادر على "سحب" الامتيازات التي منحها للأكراد أو التي نجحوا في انتزاعها منه، ولا المعارضة بمقدورها أن تتجاهل حقيقتهم "القومية" التي يجري بلورتها وتجسيدها على الأرض، جيشاً شعبياً ولجان حماية ومقاومة ومؤسسات حكم ذاتي منتخبة، وحكومة محلية ... أما "النصرة" والسلفية الجهادية، فهي تتعرض للملاحقة والمطاردة في مناطق الأكراد، التي تحوّلت بفعل تضحيات أبنائها، إلى "صحوة كردية" واسعة وعريضة، ضد القاعدة و"النصرة" و"دولة العراق"، وكل من دار في فلكهم. معارك حمص، المدينة والمحافظة والأرياف، تكاد تضع أوزارها لصالح النظام وقواته، وبدعم نشط من حزب الله ومقاتليه ... وبصرف النظر عن التبريرات والذرائع التي تساق لتفسير كثافة القتال واشتداد حدة المعارك و"تورط" حزب الله، إلا أن الثابت الوحيد، أن حمص، هي بوابة التواصل السكاني والجغرافي، لا بين الساحل ودمشق فحسب، بل وبين الساحل والجبل السوريين من جهة، ومناطق الكثافة الشيعية اللبنانية في البقاع والهرمل من جهة ثانية. وعندما تستضيف أنقرة رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم، لإجراء محادثات حول مستقبل الحراك الكردي في شمال سوريا، فهذا معناه أن ألد خصوم "المسألة الكردية" باتوا على استعداد للتعامل مع الأمر الواقع على الأرض، وأن الكيان الكردي السوري، بات عصياً على الإنكار والتجاهل .... وعندما يعلن أمين عام حزب الله حسن نصر الله، أن حربه في حمص، هي حرب وجود ودفاع عن "ظهر المقاومة"، فهذا يعني أن ملامح الخرائط الجديدة للمنطقة، بدأت تتبلور وتخرج إلى العلن ... وعندما تتبارى الجماعات الدينية من سلفية وإخوانية، لإعلان "إمارة" هنا و"خلافة" هناك، وتوحيد هذه بتلك أو فصل هذا الكيان عن ذاك، فمعنى ذلك أن الحراك "السنّي" قد بدأ يفعل فعله فيما تبقى من سوريا أرضاَ وسكاناً. بعد أزيد من عامين ومائة ألف قتيل، يعجز النظام عن حسم معركة القابون أو معظمية الشام، وتعجز المعارضة عن إسقاط النظام وتفكيكه ... النجاحات الوحيدة التي تتحقق حتى الآن، هي تلك التي تجري على تخوم الكيانات وحدودها .... النظام حسم معركة القصير ومن بعدها معركة حمص، وما يجري الآن، هو عمليات تطهير وتنظيف لجيوب المقاومة المسلحة ... الأكراد يزحفون لاستكمال السيطرة على مناطقهم و"تحريرها" من المعارضة المسلحة، لتكون معركتهم المقبلة، مع النظام وقواته، إن هو قرر استرجاع سيطرته على هذه المناطق أو إعادتها إلى بيت الطاعة ... فيما المعلومات تؤكد أن بعض المعارضات السنيّة في الشمال، تستعد وبدعم سعودي، لخوض معركة السيطرة على حلب من جديد ... أما في الجنوب، فقد عادت جبهة درعا وأريافها للاشتعال مجدداً، بعد أن أمكن للمعارضة المسلحة، الحصول على السلاح والرجال عبر الحدود الجنوبية كما تقول مصادر المعارضة. ستستمر المعارك في سوريا لأشهر عديدة قادمة، وربما لسنوات ... وخلال هذه الفترة الصعبة والدامية، ستجري عمليات فرز وتطهير الكيانات، وهي عملية جارية على أية حال ... وستأخذ سوريا شكلها الجديد، تماماً مثلما آل إليه حال العراق بعد غزوه وإسقاط نظامه، ومن المفارقة أن العراق ينقسم إلى ثلاث كيانات رئيسة، وكذا سوريا، وربما لبنان، لننتهي إلى هلال خصيب يضم ضعف عدد الدول الذي تشكل منها بعد حروب الاستقلال ونشأة الدول العربية الحديثة، وقد يصل الأمر إلى "دزينة" من الدول المنخرطة في "فسيفساء الهلال" الذي لم يعد خصيباً إلا في إنتاج الدويلات والممالك والإمارات والطوائف. نقلا عن موقع القدس للدراسات السياسية 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا  حروب الكيانات الثلاثة سوريا  حروب الكيانات الثلاثة



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon