عن«سيناريو اليوم التالي» للأسد

عن«سيناريو اليوم التالي» للأسد

عن«سيناريو اليوم التالي» للأسد

 لبنان اليوم -

عن«سيناريو اليوم التالي» للأسد

عريب الرنتاوي

تتكاثر على نحو لافت، التقارير والتحليلات التي تتسابق إلى رسم سيناريو اليوم التالي لسقوط نظام الرئيس بشار الأسد ... مشكلة هذه الموجة “شديدة التفاؤل” من الضخ الإعلامي تتمثل في: (1) أن بعضها يصدر عن تقدير رغائبي، تنقصه الجدية والعمق والدراية ... (2) أن بعضها الآخر، أغلبها، يندرج في سياق الحرب النفسية التي تشن على النظام وحلفائها، وبمشاركة نشطة من وسائل إعلام المحور التركي – السعودي – القطري ... (3) أن غالبيتها يسعى في تجاهل السيناريو الأكثر ترجيحاً، فيما لو صدقت نبوءات أصحابها عن سقوط النظام، وتحديداً سيناريو سيطرة داعش والنصرة.

النظام يتراجع ميدانياً وعسكرياً، هذه حقيقة لا جدال بشأنها، خصوصاً في الأشهر الثلاث أو الأربع الفائتة ... لكن خسارة النظام لمعركة أو عدة معارك، لا يعني خسارته للحرب ... ثم أن هناك تقارير ذات مصداقية تؤكد أن النظام قرر الانتقال إلى “الخطة ب” والتي تعني التركيز على محور الوسط – الساحل، الممتد من دمشق إلى اللاذقية، مروراً بحمص وحماة والقلمون، حيت يتركز أكثر من نصف سكان سوريا، ما يعني أن خسارة النظام لمحافظة أو أكثر، سينقل الحرب الدائرة في سوريا إلى مستوى جديد، من دون أن يضع نهاية لها.

ثمة سيناريو آخر، يجري الحديث بشأنه، وأحياناً من قبل دوائر غربية جادة، ألا وهو سيناريو “الانهيار المفاجئ” للنظام، مع أن معطيات كثيرة، تشير إلى مصاعب وعراقيل تحول دون الوصول إليه، أهمها أن معظم من يقاتل إلى جانب النظام حتى اليوم، هم من المؤمنين بأنهم يخوضون حرب حياة أو موت، وأن خياراتهم باتت محدودة للغاية.

لكننا سنأخذ على محمل الجد، تلك التحليلات التي تتناول “اليوم التالي” للأسد ... هنا يجدر التأكيد أن القوى المنظمة الوحيدة المؤهلة والمرشحة لملء فراغ النظام، هي قوى جهادية – قاعدية – داعشية بامتياز ... ليس من بين قوى المعارضة الموصوفة بالمعتدلة، من لديه القدرة على فعل ذلك ... وسنكون أمام سباق خطير بين هذه الألوان الجهادية للوصول إلى قلب العاصمة، وحكم سوريا منها ... كل ما عدا ذلك من سيناريوهات وبدائل، ليست سوى ضرب من خيال، أو تعبير عن الجهل و”الإنكار”، أو ربما تسويغ وتسويق لشعار إسقاط النظام، حتى وإن جاء الطوفان من بعده.

مثل هذه الحقيقة، هي ما يثير قلق الغرب عموماً، وبالأخص الولايات المتحدة، الأمر لا يقلق روسيا وإيران وحزب الله فحسب، فيما المحور العربي – الإقليمي المناهض للأسد وحلفائه، لا تهمه النتيجة ولا يبالي بمن سيحكم سوريا من بعد، المهم أن يرحل الأسد، وأن تتقلم أظافر إيران، وأن تتواصل “عاصفة الحزم” ولكن على الأراضي وفي الأجواء السورية.

مثل هذا “القلق” هو ما أوصل  جون كيري إلى منتجع سوتشي، وهو الذي قاد البلدين الكبريين إلى فتح حوار على مستوى الخبراء ورجالات الصف الثاني حول سوريا ... وربما هو ما دفع الوزير الروسي للحديث عن تقارب في الرؤى بين موسكو وواشنطن حول سوريا، من دون ان يفصح عن ماهية هذا التقارب وحدوده.... وفي ظني أننا سنشهد في قادمات الأيام، سباقاً محموماً بين “التصعيد الحربي” و”المبادرات الدبلوماسية”، سيما في حال التوصل إلى اتفاق دولي مع إيران حول برنامجها النووي.

لسنا هنا نرجم في الغيب، فما يجري في شمالي سوريا، هو “بروفة” لما يمكن أن يكون عليه الحال في اليوم التالي لسقوط النظام ... والمعارك العنيفة التي تدور بين “داعش” و”الجبهة الشامية” ليست سوى تمرين للمعارك التي ستلي بين داعش والنصرة على رأس جيش الفتح، في الريف الشمالي الغربي لسوريا ... هناك سباق دموي محموم لملء فراغ النظام في شمال سوريا، من دون استثناء للمناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد ... والأخبار تشير إلى تقدم داعش على جبهتي القتال مع وحدات الحماية الشعبية من جهة ومع الجماعات الإسلامية المنضوية تحت راية الجبهة الشامية من جهة ثانية ... على الجبهة الأولى تستفيد داعش من عمليات التطهير “القومي” الذي يمارسه الأكراد ضد العرب السوريين في مناطقهم، وعلى الجبهة الثانية، توظف داعش مخاوف المعارضات وانقساماتها وتنافسها الذي لا ينتهي لحسم الموقف لصالحها.

قبل ثلاثة أعوام في عمر الأزمة السورية، وفي ذروة التكهنات والرهانات على ضربات جوية أطلسية ضد أهداف للنظام في سوريا، قلنا إن أول غارة أمريكية ستستهدف قوى أصولية محسوبة على المعارضة وليس مواقع للنظام، وهذا ما حصل بالفعل ... اليوم، وفي ذروة التكهنات حول من سيحكم سوريا بعد الأسد، نقول إن “المعارضة المعتدلة” ستسقط قبل سقوط نظام الأسد، وأن تركتها وتركة النظام، سيتقاسمها التنظيمان الشقيقان، قبل أن ينجح أحدهما في تصفية الآخر.

إزاء وضع كهذا، ما زلنا نعتقد (أو نتمنى) أن “المجتمع الدولي” لم يطلّق عقله ومصالحه بعد، وأنه قد يتدخل قبل فوات الأوان، بمشروع مبادرة لحل سياسي للازمة السورية، بعد أن فقد السوريون القدرة على المبادرة والحوار وإنتاج الحلول وحفظ استقلالية القرار.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن«سيناريو اليوم التالي» للأسد عن«سيناريو اليوم التالي» للأسد



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:55 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
 لبنان اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 19:19 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

موضة حقائب بدرجات اللون البني الدافئة

GMT 21:00 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أملاح يلتحق بمعسكر المنتخب ويعرض إصابته على الطاقم الطبي

GMT 21:13 2023 الخميس ,13 إبريل / نيسان

موضة الأحذية في فصل ربيع 2023

GMT 18:07 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

ساعات أنيقة باللون الأزرق الداكن

GMT 21:12 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

آخر صيحات الصيف للنظارات الشمسية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon