في السجال حول «تهدئة» غزة و»تثوير» الضفة

في السجال حول «تهدئة» غزة و»تثوير» الضفة

في السجال حول «تهدئة» غزة و»تثوير» الضفة

 لبنان اليوم -

في السجال حول «تهدئة» غزة و»تثوير» الضفة

عريب الرنتاوي

تفتح حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ضد نشطاء من حماس، تزامناً مع تصاعد وتيرة العمليات ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه، أقول تفتح هذه الحملة الباب لجدل محتدم بين الجانبين، أقله ظاهر، كرأس جبل الجليد، ومعظمه غاطس في المياه العميقة.
حماس تقول، إنها تمارس حقها المشروع في مقاومة احتلال جاثم على صدور الفلسطينيين، ووحش استيطاني لا يَني يتوسع ويتمدد ملتهما كل ما يقع بين أنيابه الفولاذية الحادة، من أرض وحقوق و»ذاكرة» و»تاريخ» ... هي تُحمّل السلطة وفتح، المسؤولية عن «اختطاف» الضفة الغربية وتقليع أنيابها وأظفارها، خدمة للاحتلال وتبريراً لبقائها واستمراريتها، وترجمةً أمينة لأهداف التنسيق الأمني، الذي تعده الحركة مبرر وجود السلطة وسبب بقائها حتى الآن.
السلطة بقيادة فتح، ترد بقول آخر: حماس تسعى في تقويض السلطة في الضفة تحت ستار المقاومة ... هي تستهدف جنوداً ومستوطنين، لكن عينها على رام الله ... استتباب الأمن (مع ما يقتضيه من تنسيق أمني مع الاحتلال)، مصلحة فلسطينية، فيما مصلحة حماس في الضفة، تتمثل في إشاعة الفوضى، فهي وحدها طريق حماس للانقضاض على السلطة، وبأي ثمن ... السلطة تقول: كيف يمكن لمن يسعى في سبيل «التهدئة المستدامة» في القطاع أن يعمد إلى تصعيد المقاومة في الضفة، فمن باب أولى أن تقاتل حماس من حدود «القطاع المحرر».
حماس ترفض نظرية «التماهي» بين مصلحة فتح والسلطة من جهة ومصلحة الشعب الفلسطيني العليا من جهة ثانية ... هي ترى في التنسيق الأمني، كارثة على الشعب والقضية والمقاومة، لا يفيد منها سوى رجال السلطة وقادتها ومنظومة مصالحهم و»تسهيلاتهم» المنتفخة ... حماس، وقبل «الربيع العربي» تسعى في «تثوير» الضفة الغربية، ولقد ناقشت ذلك مع رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل في دمشق ذات يوم، عارضاً أن يتم ذلك في إطار وطني، ومن خلال الوحدة الوطنية، وبالانفتاح على مختلف الأطراف والمكونات، حتى لا نُدخل «المقاومة» في لعبة الصراع على السلطة وتقاسم النفوذ و»ثنائية فتح وحماس» وديناميكيات الانقسام الداخلي.
السلطة تتحدث عن مخطط إقليمي أكبر من حماس، وهنا يأتي الجزء الغاطس من جبل الجليد، تنخرط فيه الحركة كجزء من جماعة الإخوان المسلمين، هدفه تثبيت «التهدئة» في قطاع غزة، وإبراز قدرة حماس على الوفاء بالتزاماتها، في مقابل إشعال الفوضى في الضفة الغربية، للبرهنة على عجز السلطة وفتح، عن القيام بواجباتهما، حتى يطلع من يقترح في قادمات الأيام: «تعميم تجربة حماس في غزة على الضفة الغربية» ... في هذا السياق، تشير السلطة همساً إلى دور قطري – تركي، ويجري الحديث فلسطينياً، وبالأخص إسرائيلياً، عن دور خاص للقيادي الحمساوي المقيم في تركيا، صالح العاروري الذي تتهمه إسرائيل بالإشراف على مسلسل العمليات في الضفة، وهو شخصية مؤسسة في حماس، وبالأخص جناحها العسكري، وبه ترتبط كثير من أنشطة الحركة كما تقول التقارير الأمنية الإسرائيلية المسرّبة لوسائل إعلام عبرية.
حماس تسخر من كل ذلك، وترى فيه تناقضاً مع ما يكيله الطرف الآخر في مناسبات أخرى، من اتهامات لتركيا وقطر بالتآمر مع إسرائيل والتطبيع معها، في الوقت الذي يُتهم فيه البلدان، باحتضان «غرفة عمليات» المقاومة في الضفة الغربية ... وهي تؤكد أن هدف «تثوير» الضفة الغربية، وتسريع مَقدَم «الانتفاضة الثالثة»، هو هدف معلن للحركة، لا داعي لتجشم عناء البحث في «الزواريب» والدهاليز» للاهتداء عليه والتأكد منه.
الجدل الحمساوي – الفتحاوي، لم تعد الضفة الغربية ساحته الوحيدة، بل ولم يعد مقتصراً على الفصيلين الفلسطينيين ... ثمة أطراف عربية وإقليمية ترقب هذا الجدل بالرغم من انشغالاتها الضاغطة بملفات أخرى وأزمات أشد خطورة ... الأردن ينظر بعين القلق لـ «مشروع تثوير الضفة» وتسليحها الذي تحدثت عنه حماس، وتحدث عنه حزب الله وإيران إبان الحرب الأخيرة على غزة، وهو يخشى مقدماته وتداعياته، فالتسليح سيمر حتماً بالأردن (تخزيناً وتهريباً)، و»التثوير» ستكون له ارتداداته الأمنية والديموغرافية والسياسية غير الخافية على أحد.
تركيا بين نارين: فهي من جهة لا تخفي انحيازها لمشروع الإخوان المسلمين الأكبر في الإقليم، ومن ضمنه حماس ... لكنها وهي المتهمة بدعم «داعش» وتسهيل إمدادها بـ «المجاهدين» والسلاح والإتجار معها بالنفط وكل السلع الممكنة ، تدرك أن اللعب بـ «نظرية الأمن الإسرائيلية» مكلف للغاية، وهي عموماً بصدد المضي في خطابها المزدوج حيال إسرائيل: انتقادات حادة في الخطابات والحملات الانتخابية لاستجرار الأصوات والمصوتين، وتجارة نشطة وتطبيع علاقات واتصالات رفيعة المستوى تحت الطاولة (لقاء روما بين دوري غولد ونظيره التركي فريدون سينيرلي)
قطر، الشريك الإقليمي الثاني، المتهم بتبني حماس، من ضمن المشروع الإخواني الأكبر، تعرف أن لها حدوداً لن تجرؤ على تخطيها، فهي قد تكون شريكاً في مشروع «التهدئة» في القطاع، لكن من المستبعد أن تكون شريكاً في مشروع «التثوير» في الضفة الغربية.
مصر، المعنية قلباً وقالباً بخطط «التهدئة المستدامة» في القطاع، والتي تتجه لتحسين علاقاتها مع حماس، تدرك تمام الإدراك، أن مخطط «تثوير» الضفة، سينعكس على القطاع، وقد يودي بمشروع «التهدئة» قبل أن يرى النور ... في ظني أن حماس تدرك هذا بدورها، ما يطرح سؤالاً أو أسئلة، حول المدى الذي يمكن أن يبلغه مشروعا «التهدئة» و»التثوير»، وأين يمكن لحماس أن تصل بكل منهما، سيما وأنهما باتا خاضعين لديناميكيات الانقسام الفلسطيني الداخلي، أكثر من خضوعهما لموجبات الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في السجال حول «تهدئة» غزة و»تثوير» الضفة في السجال حول «تهدئة» غزة و»تثوير» الضفة



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon