في هجاء الرئيس الأميركي

في "هجاء" الرئيس الأميركي

في "هجاء" الرئيس الأميركي

 لبنان اليوم -

في هجاء الرئيس الأميركي

بقلم : عريب الرنتاوي

بعض العرب، لا يطيق العيش بعيداً عن «الهراوة» الأمريكية على ما يبدو، لكأن الحنين يشدهم إلى عهدي بوش، الأب والابن، وحروبهما المفتوحة، تارة لتحرير الكويت وتدمير العراق، وأخرى لاحتلال أفغانستان وتدمير العراق مرة ثانية ... أما أن يأتيهم رئيس أمريكي، بشعار الانسحاب من الحروب، وتفادي خوضها من جديد، فهذا سبب كافٍ لكي توجه إليه أقذع الاتهامات، وغالباً على الطريقة العربية، وبأوصاف مستلهمة من «القاموس الذكوري / القبلي»، التي لا يفهمها أحدٌ من خارج السياق الثقافي العربي، من نوع: متردد، ضعيف، جبان، متخاذل، «بوّاق» إلى غير ما هنالك.

لا يذهب أحدٌ من هؤلاء إلى شرح «المزايا» التي ترتبت على حروب آل بوش في المنطقة ... ضربوا القاعدة في أفغانستان، فاستولدت «داعش» و»النصرة» في العراق والشام ... حرر الكويت من الاجتياح العراقي، فدمر العراق وألحق إعاقة مزمنة بأجيال من العراقيين الذين ذاقوا مرارات العقوبات والحصار ... اتهموا صدام حسين بإنتاج أسلحة كيماوية والاحتفاظ بروابط مع القاعدة، فكانت النتيجة، تدمير العراق، وإخراج «مارد الانقسام المذهبي من قمقمه»، وتسليم العراق لقمة صائغة لإيران.

ما الذي جناه العرب من حروب المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، طوال ربع القرن الأخير، غير الخراب والدمار وحروب المذاهب و»خطوط الدم»؟ ... ما الذي ترتب على تلك الحروب، غير بقاء بعض أنظمة الفساد والاستبداد في مقاعدها من دون تغيير أو تبديل؟ ... نفهم أن تبدي بعض هذه الأنظمة، قدراً من الاشتياق والحنين لتلك الأزمان، بيد أننا لا نستطيع أن نفهم، كيف يفعل بعض دعاة التغيير والإصلاح، من إسلاميين وغيرهم، أمراً مماثلاً.

لم يأت الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بفعل يمكن أن يحتفي به العرب، فقد ترك القضية الفلسطينية للترك والنسيان والاستيطان، بعد أن أثار جلبة كبرى في خطاب القاهرة الشهير .

.. ولم يستنكف عن ممارسة الفعل العسكري، كما فعل في ليبيا، دعماً لأوروبا والأطلسي، وهو أمرُ عاد وندم عليه، كما قال لجيفري جولدبرغ ... لكنه، ومن باب الإنصاف، تجنب أشد الضغوط لشن حرب على إيران، كان يمكن أن تشعل المنطقة برمتها .... وتفادى ضغوطاً أشد للتورط في سوريا، ولو فعل ما أراده له ومنه، بعض «العربان، لكانت سوريا اليوم مزقاً ونتفاً، ولكان الإقليم برمته، قيد «الفك والتركيب».

مشكلة أوباما مع بعض حلفائه العرب، الذين وصفهم ذات مرة بالكسولين، أنهم ظنوا أن أقوى جيش في العالم، يمكن أن يكون «بلاكووتر» ثانية، يجري استئجار خدماته «غب الطلب» ... الذين اعتادوا شراء كل شيء بالمال، من «الفيفا» إلى السياسات الخارجية والدفاعية لدول بأكملها، ظنوا أن هذه اللعبة صالحة لكل زمان ومكان ... لكن عندما جاءهم من يرفض عروضهم على سخائها، استلوا كل مفردات «التأنيث» و»التخنيث» ليصبغوها على الرجل وإدارته.

لم يكف هذه المنطقة ما فعله بها المحافظون الجدد من انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة ... بعض العرب، يريد لتلك السياسات المغامرة والمدمرة، أن تستمر إلى الأبد، وأن تصبح «الهراوة الأمريكية الغليظة» هي لغة التخاطب الأمريكي مع كل من تعتقده هذه الأنظمة بأنه عدوها، أو ضد كل من ترغب في تصفية الحساب معه.

هذا الزمن ولّى مرة واحدة، وربما إلى الأبد ... والمسألة ليست رهناً بإدارة ديمقراطية، حتى يمكن أن تتغير مع إدارة جديدة، ولا برئيس أسود، حتى تتبدل مع رئيس أبيض ... ثمة تغيير في النسق والأولويات الاستراتيجية الأمريكية ... ثمة ابتعاد منهجي منظم عن الشرق الأوسط، وهجرة إلى الشرق الأقصى وجنوب شرق آسيا والباسيفيك ... ثمة مكانة متراجعة لهذه المنطقة ونفطها، لا تغري بشن حروب جديدة، ولا بتعهد حلفاء سابقين ورعايتهم ... وحتى بفرض خروج الديمقراطيين من الحكم أو مجيء هيلاري كلينتون، فإن نبرة الخطاب الأمريكي قد تتبدل، بيد أن جوهر السياسات والاستراتيجيات، سيبقى على حاله.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في هجاء الرئيس الأميركي في هجاء الرئيس الأميركي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon