ما الذي تحتويه «سلة الإرهاب» الكبيرة

ما الذي تحتويه «سلة الإرهاب» الكبيرة؟!

ما الذي تحتويه «سلة الإرهاب» الكبيرة؟!

 لبنان اليوم -

ما الذي تحتويه «سلة الإرهاب» الكبيرة

عريب الرنتاوي

تحت عنوانٍ عريضٍ واحدٍ هو: محاربة الإرهاب، تسعى دول إقليمية عديدة، في تصفية حساباتها مع خصومها المحليين، لكأننا أمام “موسم” قد لا يتكرر ثانيةً، تستشعر فيه هذه الدول، أهميتها و”مركزيتها” في الحرب الكونية على الإرهاب، فتعمد إلى اغتنام الفرصة لاستئصال الخصوم أو إضعافهم... بأقل قدر من الاستياء الدولي، ومن دون المقامرة بإثارة ردود أفعال غاضبة على سياساتها وإجراءاتها.

تركيا على سبيل المثال، لم تجد سانحة أفضل من هذه، لتسديد الحساب “التاريخي” مع حزب العمال الكردستاني تحت الستار الكثيف للحرب على “داعش” والإرهاب، تركيا وضعت من تسميهم “اليسار التركي المتطرف” في لائحتها السوداء، ومدت الخط على استقامته، وصولاً إلى وحدات الحماية الكردية التي يحظى الـ “PKK”، بنفوذ قوي في أوساطها... حربها المفضوحة على “داعش” ليست سوى تغطية على حربها المفتوحة على هذه القوى.

مصر لم تكن بعيدة عن هذه اللعبة، جل اهتمام الدبلوماسية المصرية، ومعها مختلف أذرع الدولة الإعلامية والأمنية والقضائية، ينصب على دمج صراعها مع الإخوان المسلمين بسياق الحرب الكونية على الإرهاب، لقد جرى تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، والأحكام ضد نشطائها تصدر بموجب قوانين محاربة الإرهاب، والتي تراوح ما بين الحبس لمدد طويلة والإعدام، وفي ظروف بالغة الشدة والقسوة، حتى أن بعض أوساط النظام، لم تتوان عن وضع حركة حماس الفلسطينية في سلة الجماعات الإرهابية المُهددة لأمن الدولة واستقرار المجتمع.

سوريا من قبل ومن بعد، سعت في “شيطنة” المعارضات على اختلاف مشاربها، اعتمدت على قاعدة بدهية، مفادها أن كل من يحمل السلاح ضد الدولة (اقرأ النظام) هو إرهابي بالضرورة والتعريف، من دون أن تأخذ بنظر الاعتبار سياقات انبثاق وتطور الأزمة السورية، وبهذا المعنى طالت اتهامات النظام المعارضين السلميين والمسلحين، الداخل والخارج، حتى أن رجالاً من نمط لؤي حسين ورجاء الناصر وعبد العزيز الخيّر، أودعوا السجون وطوردوا، بتهم من هذا العيار، غني عن الذكر، أن الإرهاب هو المرادف الموضوعي للإخوان المسلمين في الخطاب الرسمي السوري.

السعودية وبعض دول الخليج، تضع الحوثيين وحزب الله والإخوان المسلمين (الإمارات حتى اليوم، والسعودية حتى الأمس القريب)، في خانة المنظمات الإرهابية، وتضيف إليها المنظمات الشيعية (ميليشيات الحشد الشعبي)، واللافت أن بعض هذه الدول (الإمارات تحديداً) توسعت كثيراً في لائحتها السوداء، حتى أنها أدرجت منظمات خيرية ومؤسسات مجتمع مدني غربية في إطارها، وهي التي تعمل تحت أشعة الشمس في أوروبا والولايات المتحدة، وبرقابة عز نظيرها من قبل الأجهزة الأمنية والقضائية الكفؤة واليقظة في تلك الدول.

إيران لديها قائمتها، التي تشتمل أساساً على جماعات “السلفية الجهادية” على اختلاف مشاربها، هي لم تدرج الإخوان في قوائمها السوداء، بيد أنها تدرج كافة المجموعات القومية التي تنشط في أوساط المكونات الإيرانية، وبعض فصائل المعارضة الإيرانية في الخارج، بوصفها جماعات إرهابية، تصفية الحسابات معها، واجبة وضرورية في سياقات الحرب على الإرهاب.

إسرائيل على الجبهة الأخرى لديها حساباتها الخاصة، فهي تضع حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، وغيرها من فصائل المقاومتين الفلسطينية واللبنانية، في “الخانة السوداء”، أو بالأحرى في بؤرة دائرة الاستهداف ... إسرائيل تذهب أيضاً إلى تصنيف دول المنطقة، بين راعية للإرهاب أو دول صديقة “معتدلة”، بدأت تأتي على ذكرها بوصفها مشاريع حلفاء محتملين.

الغريب في الأمر، أن هذا الحماس للتوسع في إدراج المزيد من المنظمات والجماعات على اللوائح السوداء لدول الإقليم، لا يوازيه موقف حازم مع أشد المنظمات الإرهابية خطورة وأكثر ميلاً للعنف الدموي ... “داعش” كانت أولى بالرعاية التركية وموضع حدب ودعم مباشر وغير مباشر من دول عربية ... “النصرة” كانت ولا تزال تحظى بتأييد أطراف عربية وإقليمية، وتخضع لمحاولات جادة لتأهيلها وإدراجها في عداد القوى “المعتدلة”، وكذا الحال بالنسبة لتنظيمات سلفية جهادية، لا تختلف عن “النصرة” و”داعش”، إلا في بعض المسميات وبعض التفاصيل.

خطورة هذه المنظمات لا ترى بالعين ذاتها من قبل عواصم المنطقة ... السعودية ترى في الحوثيين خطراً يفوق خطر القاعدة... والإمارات ترى في الإخوان، خطراً ماحقاً، يفوق ما عداه ... وتركيا ترى في حزب العمال الكردستاني خطراً داهماً فيما ترى في “داعش” خطراً مؤجلاً أو محتملاً ... إسرائيل، لا تقلقها النصرة ولا “داعش”، أكثر ما يثير مخاوفها هو حزب الله بالدرجة الأولى، تليه حماس والجهاد وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية، وهي في الوقت الذي تبدي فيه استعداداً للقتل على “الشبهة” في الحالتين الفلسطينية واللبنانية، نراها تمد جرحى “النصرة” بكل وسائل العلاج والطبابة، لتعيدهم معافين للقتال ضد النظام والحزب وحلفائهما، وكذا الحال بالنسبة لبقية الدول ذات الأولويات المتباينة.

واشنطن الحليفة لكل هذه العواصم، تدير علاقاتها مع حلفائها، بقدر كثير من “الدهاء” و”الاحتواء” ... تؤيد عمليات الجيش التركي ضد حزب العمال، ولكنها تضغط لإعطاء الأولوية للحرب على “داعش”، وكذا يفعل الاتحاد الأوروبي، الذي يطالب أنقرة بردود متوازنة على عمليات الحزب ... تدعم “عاصفة الحزم”، ولا تريد القطع والقطيعة مع الحوثيين باعتبارهم حليفاً محتملاً في الحرب على الإرهاب ... تعيد حوارها الاستراتيجي مع القاهرة، ولا تؤيد وضع الإخوان في سلة واحدة مع “ولاية سيناء” ... تبيع السلاح بالجملة والمفرق لدول الخليج، وتأخذ عليهم مقارباتهم تجاه جماعات الإخوان المسلمين ... لكنها عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، وحسابات نظرية الأمن القومي الإسرائيلي، تقف معقودة اللسان ومكتوفة الأيدي، فحزب الله وحماس والجهاد، هي فصائل إرهابية بامتياز، ولا بأس من وضعها على قدم المساواة مع “داعش” و”النصرة”؟!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي تحتويه «سلة الإرهاب» الكبيرة ما الذي تحتويه «سلة الإرهاب» الكبيرة



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon