من «62» إلى «52»

من «6+2» إلى «5+2»

من «6+2» إلى «5+2»

 لبنان اليوم -

من «62» إلى «52»

عريب الرنتاوي

مع اندلاع ثورات “الربيع العربي” وانتفاضاته قبل خمس سنوات تقريباً، طرحت المملكة العربية السعودية مشروع “توسعة” مجلس التعاون الخليجي بضم كل من المملكتين، الأردنية الهاشمية والمغربية، إلى عضويته، لم يجر بحث مفصل في تفاصيل المشروع ولا في طبيعة العضوية الجديدة المقترحة، المشروع قوبل باعتراض من قبل دول خليجية أخرى، حتى أن أوساطاً سعودية نافذة عارضته، فطوي على عجل، وتقلص “العرض” بمجمله إلى مساعدة المملكتين من خارج النادي الخليجي بمبلغ خمسة مليارات دولار، تتوزع على خمس سنوات.

يومها، نظرت بعض الخليج إلى “الربيع العربي” بوصفه تهديداً استراتيجياً لأمنها واستقرارها ، كان “مبدأ الدومينو” قد فعل فعله، تساقطت انظمة وتنقلت الثورات والانتفاضات تباعاً، فكان لا بد من تسييج أمن الخليج بأحزمة وأطواق دفاعية، في الداخل السعودي جرى صرف ما يقرب من مائة مليار دولار دفعة واحدة، لإطفاء بؤر البطالة والاحتجاج والتهميش، في الإطار الخليجي تقرر صرف عشرة مليارات دولار للدولتين “الأقل حظاً” من دول المجلس: عمان والبحرين، الأولى رفضت تسلم المبلغ والثانية حصلت على المزيد لاحقاً ... خارج الإطار الخليجي، كان ضم المملكتين يعني تحصين السياج الخليجي وتحسين قدرات حكوماته على الصمود في وجه الزلزال وتداعياته الارتدادية ... سقطت مبادرة “6+2”، ولم يطرأ تبدل جذري على علاقات الممالك الثمانية، بعد أن اصطدم طوفان “الربيع” بسدود وجدران استنادية صلبة في كل من ليبيا وسوريا.

اليوم، تبدلت الأولويات، واختلفت “مصادر التهديد”، لكن نظرية “أمن الخليج أولاً”، باتت تستدعي اشتقاق صيغ أكثر استجابة للحاجات الأمنية والدفاعية الناشئة ... مواجهة التمدد الإيراني هو الأولوية اليوم، وليس زحف الثورات والانتفاضات الشعبية والمليونية ... ودول الخليج نفسها ليست على قلب رجل واحد، والمغرب قد لا يكون الجهة الأنسب للقيام بهذا الدور، ومصر لم تعد في قبضة الإخوان بعد أن استتب عرشها للمشير السيسي ... المعادلات تتغير واللاعبون يتبدلون، لكن الهدف واحد... الصيغة المناسبة لهذه المرحلة قد تكون “5+2”، فتحل مصر محل المغرب، وتخرج سلطنة عمان ذائعة الصيت في “الحياد الإيجابي” وأدوار الوساطة والمساعي الحميدة في الأزمات والملمات من مدار هذا المحور... صيغة يراد لها أن تكون إطاراً لتعاون إقليمي وازن، كفيل بمقارعة التمدد الإيراني، من عدن حتى بيروت، مروراً ببغداد ودمشق.

لكن الأسباب التي أسقطت صيغة “6+2” ما زالت ماثلة، وقد تكون كفيلة بإسقاط صيغة “5+2” ... قطر من قبل لم تكن متحمسة لمشروع “تحالف الملكيات”، علاقاتها بالقاهرة زمن الإخوان كانت أوثق وأهم، ورهاناتها على الجماعة في أقطار شتى، كانت تعفيها من التفكير بجدوى إطار ائتلافي من هذا النوع ... اليوم، قطر في وضع أضعف بكثير مما كانت عليه من قبل، ودورها إلى انكماش متزايد، لكنها مع ذلك لن تبدي ارتياحاً للصيغة الجديدة ... علاقاتها مع مصر متوترة، وهي لا نخفي عدائها للنظام في القاهرة، وتحالفها مع تركيا والإخوان لم يفقد صلاحيته بفعل انخراطها في تحالف “عاصفة الحزم” وتقاربها مع الرياض، أو بالأحرى، انفتاح الرياض عليها ... والخلافات بين دول المجلس من جهة، وبين بعضها وكل من مصر والأردن من جهة ثانية، حول تقدير الأولويات وتوزين التهديدات، ما زالت قائمة.

في الحالتين، ظل اليمن خارج إطار التفكير الخليجي... في المرة الأولى، كان اليمن قد التحق بقطار “الربيع العربي”، وكان جزءاً من المشكلة / التهديد، وليس جزءاً من الحل أو عنصراً من عناصر الاستقرار ... اليوم، يبدو اليمن ساحة صراع مفتوح بين السعودية وإيران، وخاصرة ضعيفة لأمن المملكة، تسعى في معالجتها بكل السبل وبأي ثمن ... لم يفكر أحد من الجيران الأثرياء لليمن أن هذا البلد الفقير سيظل سبباً لحالة عدم استقرار مستدامة ... لم يفكر الجيران جدياً بمشروع مارشال خليجي لليمن، ولو أن تكاليف الحرب الأخيرة على اليمن، صرفت فيه من قبل على شكل مشاريع إعمار وتنمية لما وصلت الحال إلى ما وصلت إليه.

وفي الحالتين كذلك، ظلت الأفكار والمشاريع المتصلة بتوسعة دول التعاون محكومة بالهاجس الأمني ... إن تفاقمت التهديدات، تزايدت الحاجة لمزيد من الأطراف والحلفاء، واشتدت الحاجة للتوسعة، وإن تراجعت، استرخى الجميع وعادوا إلى يومياتهم المعتادة، وفقدت الدول المرشحة لعضوية نادي الأغنياء بريقها وأهميتها، بل ويفقد الحوار والعلاقات الاستراتيجية معها أهميتهما، وربما تشهد العلاقات أشكالاً من التوتر، تبدأ بالعتب الصامت ولا تنتهي بتراشق الاتهامات وحروب الفضائيات.

والحقيقة أن أفكاراً ومبادرات من نوع “توسعة إطار التعاون الخليجي” أو إقامة محور جديد، لا تأتي عادة وفقاً لرؤية بعيدة المدى أو تصور استراتيجي، وهي بالتأكيد ليست خاضعة لمعايير محددة، كتلك التي وضعها الاتحاد الأوروبي لنفسه على سبيل المثال، بل هي أفكار وليدة لحظتها وابنة الاحتياج الضاغط إليها، ودائماً من المنظور الأمني والدفاعي ليس إلا ... والمؤسف أن بؤس الحالة الاقتصادية في الدول المستهدفة بالتوسع والتوسعة، يجعلها دائماً في حالة انتظار، “غب الطلب”، بل ويجعل استجابتها شبه مضمونة، بصرف النظر عن أهداف هذا التحالف الجديد وأولوياته.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من «62» إلى «52» من «62» إلى «52»



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon