من سيمول إعادة الأمل والإعمار

من سيمول إعادة الأمل والإعمار؟

من سيمول إعادة الأمل والإعمار؟

 لبنان اليوم -

من سيمول إعادة الأمل والإعمار

عريب الرنتاوي

تعهدت الحكومة العراقية بإعادة إعمار الرمادي وغيرها من المناطق التي سيجري تحريرها من قبضة “داعش” الإرهابية، وصولاً إلى المنازلة الكبرى المنتظرة في الموصل وجوارها ... قبلها، كانت السعودية تعهدت بإعمار اليمن، و”إعادة الأمل” لأهله الفقراء والمعدمين، ما أن تضع الحرب أوزارها بهزيمة الحوثيين وانتصارها في “الحرب المنسية” على البلد المنكوب ... وقبل هذه وتلك، كان أمير قطر السابق، تعهد لمعارضين سوريين، بإعادة إعمار سوريا، أفضل مما كانت عليه، في إشارة فُهمت على أنها “ضوء أخضر” لتدمير البلاد، حتى لا يبقى للأسد ملاذ آمن، أو حجر على حجر، يختبئ خلفه.
الحروب في الدول الثلاث، لم تضع أوزارها بعد، وآلة التخريب والتدمير، لا زالت تفعل فعلها بكل شراسة وقوة ... أما الأمل بإعادة الأعمار، فيتقهقر مع كل نشرة أخبار عن تراجع أسعار مزيج برنت أو خام تكساس ونفط دبي ... فاتورة إعادة الإعمار ما زالت إلى ارتفاع، وكلفة إعادة البناء، باتت تحتوي آرقاماً فلكية، لا يضاهيها سوى عجز الموازنات الخليجية المتزايد سنة بعد أخرى، وتآكل احتياطياتها ومخزونها، حرباً تلو الأخرى، وموازنة إثر أخرى.
العراق كمثال، تعاني موازنته من عجوزات مرحلة من سنة إلى أخرى، موازنة العام 2016 التي لامست ضفاف المائة مليار دولار، تعاني عجزاً يصل إلى 26 مليار دولار، محسوب على تقدير للمعدل الوسطي لسعر برميل النفط بحوالي 45 دولارا، ومعدل انتاج يقارب الثلاثة ملايين ونصف المليون برميل يومياً ... لا سعر النفط صمد عند حاجز الـ “45 دولارا، فقدْ فقدَ ربع قيمته المقدرة قبل أن يبدأ العام الجديد، ولا العراق في وضع يمكنه من تصدير الكمية المستهدفة من النفط ... وإذا ما “خصمنا” كلفة الفساد وفواتيره الفلكية، فليس من المتوقع أن تظل في الخزينة أموال تكفي لإعادة أعمار الرمادي، دع عنك بقية المدن والبلدات العراقية التي ستتحرر في العام المقبل، وفقاً لما تعهد به رئيس الحكومة الدكتور حيدر العبادي.
وبخصوص دولة “الرفاه”، قطر، فقد أقرت موازنة للعام 2016 تقل بعشرين مليار دولار عن موازنة العام الفائت، وأمكن رصد عجز فيها يصل إلى 13 مليار دولار، برغم التقشف وخفض النفقات، حيث اعتمد المشرع القطري سعراً تقديرياً لبرميل النفط، يراوح حول الـ 48 دولارا، في حين أن النفط فقد ربع هذه القمية التقديرية، والعام الجديد لم يبدأ بعد ... والأهم في حكاية التعهد القطري بإعادة إعمار سوريا بعد تدميرها، ان من أعطى التعهد، لم يعد في السلطة، فقد غادرها وتبخرت وعوده وتعهداته ... والمؤكد أن “المؤلفة جيوبهم” من فرسان المعارضة السورية، الذين “طاشوا على شبر ماء”، سيكتشفون بعد خراب حلب وحمص ودرعا، أنهم كانوا يطاردون خيوط دخان وسراب أوهام ... وأن خرائب سوريا وأنقاضها، ستبقى في مكانها لسنوات، وربما لعقود طويلة قادمة ... فالوعد بإعادة الإعمار، لم يختلف في طبيعته، عن الوعد بترحيل الأسد في غضون أيام معدودات، ومن لم يستطع الوفاء بوعده الأول، هيهات له أن يفي بوعده الثاني.
أمس تناولنا “خطبة الوداع” التي ألقاها البغدادي عبر تسجيل صوتي ذاع وانتشر، وتحدثنا عن “بشائر” مرحلة “ما بعد داعش” في سوريا والعراق والمنطقة ... اليوم، نحذر من المخاطر التي ستحفل بها المرحلة المنتظرة، وكيف ستدير بها حكومات الدول المبتلاة بآفة الإرهاب، ملفات التنمية وإعادة الإعمار وبناء نظام سياسي متوازن، وعقد اجتماعي جديد، يحترم حقوق الأفراد والجماعات والمكونات، ويوفر الحاجات الأساسية للمواطنين بعدالة ومن دون تمييز أو فساد ....
داعش” تحتضر وتتراجع صحيح ... لكن الصحيح كذلك، إن الأسباب التي خلقت “داعش”، ستعيد انتاج “دواعش” أخرى، وربما أكثر تزمتاً ودموية وتوحشاً، إن لم يجر تجفيف منابع التمييز والغبن والتهميش والفقر والجوع ... الأرجح أن حروب المنطقة، وعجز الدول التي موّلتها عن تمويل عمليات إعادة إعمارها، سيخلق فجوات من الغضب وانعدام ثقة ورغبات دفينة بالثأر والانتقام، كفيلة بإشعال موجات جديدة من الحروب والصراعات الدامية، ما لم تجر مغادرة مربعات الأنانية والنظرات الضيقة والاستعلائية لشعوب المنطقة، الفقيرة منها على وجه الخصوص.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من سيمول إعادة الأمل والإعمار من سيمول إعادة الأمل والإعمار



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon