منابع الفساد و«ملاذاته الآمنة»

منابع الفساد و«ملاذاته الآمنة»

منابع الفساد و«ملاذاته الآمنة»

 لبنان اليوم -

منابع الفساد و«ملاذاته الآمنة»

بقلم : عريب الرنتاوي

لا يكاد يؤتى على كلمة “ملاذات”، من دون أن تقترن بكلمتين أخريين: “آمنة” و”إرهاب” ... تماماً مثلما تطرق كلمات من نوع التطرف والغلو والإرهاب، الأذهان والعقول، وفي تتابع عجيب، لا يكاد يخطئوه أحد.

هذه المرة، صدمتنا “أوراق بنما” باستخدام جديد للملاذات الآمنة، متعلق أساساً بالفساد والتهرب الضريبي وغسيل الأموال ... إذ تبين أن لهذه العوالم السلفية، ملاذاتها الآمنة كذلك ... وهذه المرة، ليست في العراق وسوريا أو اليمن وليبيا، بل في عقر “الديار الغربية”.

ومثلما يتنافح العالم لتجفيف منابع الإرهاب والقضاء على ملاذاته الآمنة في منطقتنا، مستخدماً الجيوش والطائرات والأساطيل والصواريخ المجنحة والذكية والغبية، فإنه يتعين عليه، أن يعمل على تجفيف منابع الفساد والقضاء على ملاذاته الآمنة، فالملاذات هنا، لا تقل خطورة من حيث طابعها الإجرامي، عن ملاذات القاعدة وداعش.

مسؤولية تجفيف منابع الفساد، تقع على كاهل السلطات الوطنية في كل من الدول التي كشف عنها أكبر تحقيق صحفي استقصائي – ربما في التاريخ – والنتائج المذهلة التي أظهرت تورط قادة كبار في دول مختلفة، تملي على السلطات المحلية، من أمنية وقضائية، أن تشرع في إجراء التحقيقات المستقلة والشفافة، حول تورط أي من قادتها ومسؤوليها ومواطنيها في جرائم غسل الأموال والتهرب الضريبي وغيرها ... أقله لفرز الغث عن السمين، وإحقاق براءة المظلوم وإلحاق القصاص العادل بالخارجين على القانون.

لا متسع في هذا “المقام” لاستحضار “نظرية المؤامرة” في تفسير هذا “الكشف الكبير والخطير” ... الأوراق أظهرت أن الفساد عابر للقارات والإيديولوجيات والجنسيات والأولوان والأعراق ... ومثلما ضربت الأوراق في عمق المعسكر الغربي فقد ضربت في عمق المعسكر الشرقي.. مع أننا لا نستبعد أن ينسج كثيراً على منوال “نظرية المؤامرة” في تفسير نتائج التحقيق وتوقيته.

لسنا نعرف بعد كامل الحقيقة، وهناك أوراق لم يتم الكشف عنها على ما يبدو، طالما أننا نتحدث عن أكثر من 11 مليون وثيقة و2.6 تيرابايت ... ولكننا مما وصلنا وعرفنا، تبدو الصورة كارثية بكل ما للكلمة من معنى ... رؤساء دول وحكومات ، سياسيون ورياضيون وفنانون، أظهروا جشعاً وأنانية، دفعتهم لخيانة القسم والعهد الذي قطعوه على أنفسهم في خدمة البلاد والعباد، وفضلوا الركض اللاهث وراء المال والثروة.

وإذا كان تجفيف منابع الفساد، يبدأ من المجال الوطني، فإن القضاء على ملاذاته الآمنة، هي مسؤولية المجتمع الدولي، فلا يجوز أن تبقى هناك “بقعة سوداء” واحدة، وتحت أية حجة من الحجج، لا تطالها يد الرقابة ولا تراها عيون المراقبين ... ومثلما تُجرّم الدول التي توفر ملاذات آمنة للإرهاب وتُدرج في قائمة الدول المارقة، فإن مسؤولية المجتمع الدولي تقتضي تجريم الدول التي توفر ملاذات آمنة للفساد، وإدراجها في قوائم الدول المارقة كذلك، ومن دون ازدواجية معايير ولا كيل بمكيالين.

الأردن لم ينج من هذه الموجة العاتية، ولا ندري كيف ستتوالى المعلومات وعن أية أسماء ستتكشف، وربما تكون بعض الأسماء التي وردت ليست متورطة في عمل خارج القانون، وربما يكون العكس صحيحاً ... والوسيلة الوحيدة لمعرفة الحقيقة، هي الاستعداد للشروع في تحقيق شفاف حول ما ورد وما سيرد من معلومات، حتى يتضح الخيط الأبيض من الخيط  الاسود ولا يؤخذ الأبرياء “بجريرة” المتورطين، ولا يختلط حابل الحقيقة بنابل الأقاويل ومشاريع تصفية الحسابات الصغيرة.

لقد أسقط التحقيق الاستقصائي بعض الرؤوس الكبيرة، بدءاً بآيسلاندا، والمأمول أن يتوالى تدحرج رؤوس كل من يثبت تورطه في الفضيحة ... ولا شك أننا نقف اليوم، أمام أكبر اختبار عالمي، لقياس قدرة الأنظمة السياسية والقضائية في دول عديدة وكفاءتها في محاربة الفساد وتصحيح الاعوجاج في مسالك ومسارب كبار المسؤولين.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منابع الفساد و«ملاذاته الآمنة» منابع الفساد و«ملاذاته الآمنة»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon