وجئتك من إسلام أباد بنبأ عظيم

وجئتك من إسلام أباد بنبأ عظيم

وجئتك من إسلام أباد بنبأ عظيم

 لبنان اليوم -

وجئتك من إسلام أباد بنبأ عظيم

عريب الرنتاوي

بعد أسبوع من الحوارات الساخنة اتخذ البرلمان الباكستاني قراراً بالإجماع يقضي بالوقوف على الحياد في الحرب على اليمن، داعياً حكومة نواز شريف لبذل كل الجهود الممكنة من أجل الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، يحول دون الانفجار الكبير المفضي للفوضى الشاملة... الحقيقة أن “النبأ العظيم” جاء مفاجئاً، والأرجح أنه نزل كالصاعقة على رؤوس كثيرين في هذه المنطقة.
القرار “التاريخي” يطرح سؤالين كبيرين: الأول، ويتصل بالعلاقات السعودية – الباكستانية (فوق الاستراتيجية) الممتدة لعقود طويلة خلت، استثمرت خلالها المملكة مليارات الدولارات في الدعم الاقتصادي والعسكري و”النووي” لأحد أكبر الدول الإسلامية ... والثاني، ويتعلق بدور البرلمانات العربية في صنع قرار الحرب والسلم، تأسيساً على التجربة الباكستانية، التي لا يمكن الزعم بحال، أنها تجربة ديمقراطية، أنجلو-ساكسونية الطراز.
في السؤال الأول، يمكن القول، إن البرلمان الباكستاني أرسى قواعد جديدة، أو هكذا يُظن، لعلاقات بلاده بالمملكة العربية السعودية ... قبل القرار كان يُنظر للجيش الباكستاني، بوصفه “قوة احتياط” بمقدور المملكة استدعاءها “حسب الطلب”، هذا على الأقل الانطباع الذي كان سائداً، وقد غذّته عشرات التحليلات والتعليقات التي تناولت الموضوع، خصوصاً من الجانب العربي ... بعد القرار، تأكد أننا كنا أمام وهم، أو على أقل تقدير لم نكن نمتلك تقديرات دقيقة في هذا الشأن.
في السجالات حول برنامج إيران النووي، وما الذي يمكن أن تفعله السعودية في حال أفلتت طهران بقدراتها النووية كنتيجة لمفاوضات جنيف – لوزان وغيرهما ... قيل يومها، وقلنا في هذه الزاوية، إن للسعودية اتفاقا مع الباكستان، قديم متجدد، يقضي بنقل قدرات الباكستان النووية للمملكة حين الاحتياج، نظير الدعم السخي والتمويل غير المشروط الذي قدمته الرياض لإسلام أباد، لتأسيس برنامجها النووي العسكري، في مواجهة الهند.
اليوم، وبعد أن ضنّ البرلمان الباكستاني على الحليف السعودي بمشاركة عسكرية رمزية في حرب على بلد ضعيف وفقير ومقسّم، نبدو بحاجة ماسة لمراجعة جذرية لأسس ومحددات العلاقات الباكستانية السعودية ... فهي وإن كانت عميقة ومتجذرة وراسخة، إلا أنها تخضع لضوابط ومحددات، تجعل من الصعب النظر للجيش الباكستاني على أن “بلاك ووتر” كبرى، يمكن تجنيده على عجل، نظير حفنة من الدولارات.
أما في الإجابة عن السؤال الثاني فنقول: إن الباكستان ليست دولة ديمقراطية، “ديمقراطيتها” الملتبسة تنتمي إلى الزمن التركي الغابر، حين كان الجيش ينقلب كل حفنة من السنين على الحكومات المدنية المنتخبة، وعند اول خلاف معها أو عند أول شبهة خروج على “علمانية أتاتورك” ... لكن مع ذلك، نجح البرلمان في فرض إرادته على حكومة نواز شريف، قرر النأي بالنفس والوقوف على الحياد في حرب اليمن ... البعض يقول، إن الجيش الباكستاني استظل بالبرلمان واختبأ خلفه، فهو لا يريد أصلاً الانخراط في حرب خارج الحدود، وهو الذي يضع أكثر من نصف قواته، في تصرف الحرب على طالبان ... لم يكن بمقدور شريف ولا الجيش رد الطلب السعودي، المخرج من هذا المأزق المحرج، كان بإلقاء التبعة والمسؤولية على البرلمان.
أياً يكن من أمر، وسواء أكانت الديمقراطية الباكستانية الناشئة تسمح للبرلمان اتخاذ مواقف وقرارات بهذا الحجم، أم أننا أمام لعبة تقاسم أدوار بين الجيش والحكومة والبرلمان، فإن النتيجة الهامة لما جرى هي أن الديمقراطية الباكستانية أخذت تعمل، بخلاف الحال في العالم العربي.
في التحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن، والذي انضمت إليه عشر دول عربية، لم نسمع عن برلمان عربي واحد، ناقش قرار الحرب والسلام، لا قبل الإعلان رسمياً عن الانضمام للتحالف ولا بعده ... البرلمانات العربية، المنتخبة كما مجالس الشورى المعينة، لا وظيفة لها في صنع السياسة الخارجية والدفاعية، ولا دور لها في قرارات الحرب والسلام ... وهي تفتقد حتى وظيفتها في “لعبة تقاسم الأدوار” التي تلجأ إليها حكومات وأنظمة للتحلل من الضغوط وتفادي الإحراجات.
في دول الجوار الإقليمي للعالم العربي، نرى مشهداً مغايراً ... للكنيست دورٌ حاسم في صنع السياسات والقرارات الدفاعية والخارجية في إسرائيل ... البرلمان التركي مناط به قرار الحرب والسلام، وحده من يقرر المشاركة في أية أعمال عسكرية خارج الحدود أو تسهيلها أو الامتناع عن تقديم أية تسهيلات لها ... برلمان كردستان العراق هو من قرر السماح للبيشمركة بالقتال خارج حدود الإقليم، وفوّض حكومته بهذه الصلاحية ... إلا البرلمانات العربية، لا وظيفة لها سوى التصفيق والتطبيل والتزمير ... ومع ذلك، يسألونك عن أسباب “الربيع العربي”، وعن سر انتشار التطرف والغلو الإرهاب ... إذا عرف السبب بطل العجب.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجئتك من إسلام أباد بنبأ عظيم وجئتك من إسلام أباد بنبأ عظيم



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon