الفسادُ حالــةٌ كيانيةٌ وممارسةٌ فيدراليةٌ
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

الفسادُ حالــةٌ كيانيةٌ وممارسةٌ فيدراليةٌ

الفسادُ حالــةٌ كيانيةٌ وممارسةٌ فيدراليةٌ

 لبنان اليوم -

الفسادُ حالــةٌ كيانيةٌ وممارسةٌ فيدراليةٌ

بقلم : سجعان القزي

ليس العجبُ أن تَحصُلَ تسوياتٌ، تأخذ طابَــعَ صفقاتٍ، على الملفات الإنمائية والثروات الوطنية. فمفهومُ الثروةِ الوطنية سقط في لبنان أمامَ مفهوم الثروة المناطقية، والشعورُ الوطني تَـــرهَّل في وطن فقــدَ وِحدتَــه المجتمعية. إن نظامَ المحاصصةِ انبثق من النظام السياسي المرحلي وأصبح ملازِماً له. برز هذا النظام السياسي بعد حربِ السنتين سنةَ 1976 وتكشّف في مؤتمري لوزان وجنيف سنةَ 1984 وتـثــبَّت دستورياً في اتفاق الطائف سنةَ 1989 واستُــتبِــع بتسوية الدوحة سنةَ 2008 ليتجلّى بيقظةٍ متأخرةٍ في انتخابات رئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة وفي باكورة قراراتها حول النفط والغاز.

اللافتُ، أن مسارَ التعديلاتِ الدستورية يَــنحو أكثرَ فأكثر نحو: حُكمٌ فدراليٌّ داخلي يتبدّلُ فيه المكـــوِّن القوي، وحُكمٌ مركزيٌّ خارجي تَــتبدّلُ فيه الدولةُ الوصية. وإلى أن يُحسمَ مصيرُ النظامِ اللبناني، بل الكيان، تَجري عمليةُ تجويفِ الدولة المركزية بشكل يوميّ حتى أيام الآحادِ والأعياد. إن عَــكَسَت هذه التعديلاتُ الدستورية والسياسية المتواليةُ تطورَ موازين القوى العسكري أو الديمغرافي أو الاثنين معاً، فإنها عاكسَت مفهومَ الكيانِ اللبناني الصيغوي، أي "الروح الميثاقية". إن الدولةَ اللبنانية في مقاربتِــها التقسيمية للملفات الأساسية في لبنان ــ تحتَ ستارِ الانماءِ المتوازن ـــ باتت تُشبه دولاً مقسَّمةً أو فيدراليةً أو فيها حكمٌ ذاتي مثلَ العراق واليمن وليبيا والسودان وأفغانستان (مشَــرِّفٌ هذا التطور).

طبيعيٌ أن نَستهوِلَ امتدادَ الفسادِ في الدولة اللبنانية (الطبقة السياسية، الإدارة والمجتمع) ونتنادى لمكافحته. لكن التصدي له يَستوجب بدايةً إدراكَ طبيعتِه وأصوله وأسبابه لئلا تَفشَلَ المكافحةُ ويبقى الفساد كما حصل حتى الآن. صحيحٌ أن الفساد موجود تقليدياً في لبنان وفي كل الدول، بما فيها دولةُ الفاتيكان. كان المفكّر الفرنسي في القرن السابع عشر "لاروشفوكو" La Rochefoucauld يقول: "إن الفضائلَ تَـضيع في المصالحِ كما تَـضيع الأنهرُ في البحار". أما نحن في لبنان فــنُــجَــفِّــف الأنهرَ قبلَ أن تصلَ إلى البحار. لقد تحوّل الفسادُ عندنا من فرصةٍ عابرة إلى ثقافةِ راسخةٍ ترعى الصفقاتِ والمحاصصة.

حصل هذا التحوّلُ النفسيّ مع الحروبِ في لبنان، حيث ازدهرت التجارةُ غيرُ الشرعيةِ عبرَ الحدودِ الدولية وخطوطِ تماسِ الكانتونات ومِن خلال مرافئِ الميليشيات والمطار. وتوطّدت هذه الثقافةُ في ظل الاحتلال السوري، فكان ضبّـــاطُه قادةَ الفسادِ وضابطي إيقاعِه. واستحصل الفسادُ على رخصةٍ شرعيةٍ مع دخول الأثرياءِ الكبار إلى قلب الحياة السياسية اللبنانية ـــ وهي ظاهرةٌ لم يألــفْـــها مجتمعُــنا سابقاً ـــ ومع بروزٍ

طبقةٍ سياسية رضَعت الفسادَ مع الحليب ولاسيما الفسادَ الوطني وهو أخطر من الفسادِ المادي، ومع عجزِ الأجورِ عن تغطيةِ نفقات الحياة. هكذا أصبح الفسادُ، بوجهيه، جُزءاً من حياتنا اليومية فتطــبَّع عليه أكثر من جيلٍ طَوالَ السنوات الأربعين الأخيرة.

ما عدا الفسادَ الإداري (الرشوة)، وهو النسبةُ الأقل، إن "الصفقاتِ النظاميةَ" هي النسبةُ الأكبر من الفساد في لبنان. الأولى تتمّ على حسابِ المواطنين (مواطنٌ يدفعُ لموظف). أما الثانية فتتمّ على حساب خزينةِ الدولة والمواطنين معاً (مسؤولون يتقاسمون الثرواتِ الوطنيةَ والمشاريعَ الإنمائية).

إذا قارنا نسبةَ مديونية الخزينة اللبنانية نَجدُها مساويةً لنسبةِ ثرواتِ أركان الطبقةِ السياسية اللبنانية والمحيط. سنةَ 1988، ذكر الصحافيُّ الفرنسي "بيار بيان" Pierre Péan في كتابه "المال الأسود" أن ثروةَ جوزيف موبوتو رئيسِ الزائير (الكونغو سابقاً) توازي تحديداً ديونَ ذاك البلد الإفريقي. الفارقُ أن شعبَ الكونغو طردَ موبوتو فلجأ إلى فرنسا ثم توفي في المغرب، في حين أن شعبنَــا لا يزال يَــفتدي بالروحِ وبالدمّ أشباهَ "موبوتو" اللبنانيين. نأخذ على النواب أنهم يُمدّدون لأنفسهم مرةً أو مرتين، لكننا ننسى أننا كشعب نمدّد انتخابَــهم منذ أربعين سنة.

من دون تهميشِ العامل الأخلاقي في "الصفقات النظامية"، ما يجري ليس ظاهرةً لا أخلاقية فقط يُمكن القضاءُ عليها بالتربية المنزلية أو بالأحكام القضائية أو بالتدابير الأمنية أو بالأجهزة الرقابية أو بتغيير الطبقة السياسية. الأمر يتعدّى الأخلاقَ إلى الدستور، نعم إلى الدستور، حيث أن الفسادَ في لبنان هو حالــةٌ كِيانية تتخطى تجاوزاتِ الفردِ وحتى ثقافةِ المجتمع. إنه صراعُ الدويلاتِ الطائفية داخلَ الدولة وصراعُ المحاصصةِ المناطقية على حساب إرثِ الدولة. إن الصفقات تجري في لبنان بين قوى حاكمةٍ في مناطقِها وليس بين قوى تَحتكم إلى الدولة اللبنانية المركزية. إن رؤساءَ الأحزابِ والتيارات والكتل هم زعماءُ طوائف، والطوائفُ هي أصحابُ المناطق: هذه للسُــنَّــةِ وذانِـــك للشيعة، تَـــا للمسيحيين وتلك للدروز. واقعٌ مؤسف.

ويَــزعم زعماءُ الطوائف أنهم مؤتَـــمَنون على كلِّ ما تحتَـويه مناطــقُـهم أكان فوقَ الأرضِ أو تحـتَــها براً وبحراً وجواً. لا بل يتصرفون وكأنهم على أبوابِ الفدرالية أو حتى التقسيم، ويتهافَتون على حجزِ الحِصصِ مسبقاً من خيراتِ الدولة المركزية . هذه هي الحقيقةُ بكل بساطة. وما نسمّــيه اليومَ حِصصاً هو بنظر القوى السياسية تموضعٌ إرثي للطوائف والمناطق بانتظار الهندسة الجديدة للبنان.

وبالتالي، بقــدْرِ ما أؤمن بنيةِ العهد على مكافحة الفساد، أظن أن مهمتَــه صعبةٌ ما لم تُحسَم الهيكليةُ الدستوريةُ للدولة اللبنانية: إما أن يتحوّلَ لبنان دولةً فيدرالية تطبيقاً للواقع القائم وانسجاماً مع الممارساتِ الجارية، فيصبح ما نسميه فساداً وتسوياتٍ حِصصاً شرعيةً للوَحَدات الفدرالية. وإما أن تَــلتزمَ القوى السياسيةُ بالدولةِ المركزية (الموجودةِ نظرياً) فتعودُ حالةً دستورية فعلية، وبذلك تزول الصفقاتُ والتسوياتُ

وتصبح مكافحةُ الفسادِ ممكِنةً. ما عدا ذلك، تبقى محاربةُ الفسادِ ووقفُ الصفقات مسألةً إعلاميةً تطالُ الصغارَ وتُـــوفِّـــر الكبار.

المصدر: صحيفة الجمهورية

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفسادُ حالــةٌ كيانيةٌ وممارسةٌ فيدراليةٌ الفسادُ حالــةٌ كيانيةٌ وممارسةٌ فيدراليةٌ



GMT 22:55 2022 السبت ,25 حزيران / يونيو

أنا المكلَّفُ وحكومتي المواعيدُ

GMT 16:04 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

الأكثريّةُ أرْخَبيلٌ والأقليّةُ جزيرة

GMT 10:26 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

بايدن يَنتظِرُ إدارةً لبنانيّةً جديدة

GMT 16:28 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بـكـركـي لـيست مَـمـرًّا اخـتـيـاريًّـــا

GMT 19:34 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

فَصلٌ من الحروبِ القيْسيّةِ اليمنيّة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon