عماد الدين أديب
بينما كنت أحاول التهام آخر قطعة من «البوظة الشامية» في أحد محلات الحلوى العربية في لندن، تقدم مني شاب عربي حائر وثائر ولديه عشرات الأسئلة التي تؤرقه، ودار بيننا الحوار التالي:
الشاب: يا أستاذ هناك مصطلح يستخدم هذه الأيام وأسمعه كثيرا يصيبني بحيرة شديدة.
العبد لله: وما هو يا صديقي؟
الشاب: أسمع كثيرا مصطلح «الفترة الانتقالية»، ولا أعرف معناه بالضبط.
العبد لله: «الفترة الانتقالية» مصطلح يعرف نفسه بنفسه؛ إنها «فترة» زمنية يحدث فيها انتقال من حال إلى حال.
الشاب: إذن إنها فترة مؤقتة وليست أبدية؟
العبد لله: وهي تعني أنها «انتقال» وليست «ثباتا».
الشاب: وهل الانتقال يعني أنه انتقال من حالة سيئة أو متقلبة إلى حالة مستقرة وحالة أفضل؟
العبد لله: أحيانا - للأسف - يكون الانتقال للأسوأ.
الشاب: وهل ما يحدث الآن في العالم العربي هو انتقال من الأسوأ إلى الأفضل، أم من حالة سيئة إلى حالة أسوأ؟
العبد لله: ما يحدث في ليبيا وتونس ومصر ينذر بذلك.
الشاب: كيف وهذا يحدث عقب ثورات حقيقية؟
العبد لله: الثورة فعل ضد الثابت والمستقر والمعتاد يهدف إلى تغيير الأوضاع ونقلها من حالة ثبات إلى حالة تغيير.
الشاب: والثورة فعل المفروض فيه أنه عمل نبيل يدعو إلى إعلاء مبادئ وقيم.
العبد لله: هناك فارق جوهري بين شعار الثورة الذي ترفعه، وفعل الثورة الذي تطبقه!
الشاب: كيف يكون هناك تناقض بين الشعار والتطبيق؟
العبد لله: تلك هي أزمة الأزمات في دول العالم الثالث!
الشاب: كيف؟
العبد لله: قل شيئا عظيما وقم بفعل «عمل شيطاني».
الشاب: إنها حالة من الغش التجاري.
العبد لله: إنه أسوأ من الغش التجاري.. إنه ضحك على التاريخ، وتزوير في حقائق السياسة، وتدليس في تفاصيل حلم التغيير.
الشاب: كل ذلك يحدث في الفترة الانتقالية؟!
العبد لله: إنها فترة انتقامية.. إنها سرقة الثورة، واختطاف الأحلام، وتزوير شعارات الإصلاح.