الشهيد، هو أكثر الناس حياة فى مجتمعنا!
الشهيد حى بإنجازه النبيل العظيم، بينما نحن موتى بعجزنا وسلبيتنا الدائمة.
أن تعطى فهذا عمل كريم، وأن تعطى أغلى ما عندك فهذا هو قمة الكرم، ولكن أن تعطى حياتك فداءً للوطن فهذا هو العمل الاستشهادى الذى يجعل صاحبه متميزاً فى الدنيا، مكرّماً فى الآخرة بإذن الله.
جائزة الشهيد حسب الوعد الإلهى هى الجنة بغير حساب، وذلك هو التكريم الأعظم لأكثر أفعال الإنسان نبلاً وإنكاراً للذات.
إن وجود نموذج الشهيد وقيمة الشهادة فى حياتنا هو أمر يطهّرنا من أطنان السلبية والعجز والكذب والنفاق والثأر التى نحياها. وسط مجتمع يقوم على صناعة بيع الضمائر واعتماد الفساد كأسلوب حياة يخرج من رحم هذا الوطن كل صباح من يلقى نفسه فى النار حتى لا نحترق، ومن يفتح صدره لقنبلة حتى لا تصيبنا شظاياها، تاركاً الدنيا بكل متاعها من أسرة وزوجة ومال ومنصب زائل، ساعياً إلى الخلود فى الدار الآخرة.
لذلك كله يمكن فهم ذلك التكريم المؤثر والراقى الذى حرص عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى لأسماء شهداء الواجب فى عيد الشرطة، وأيضاً يمكن فهم إصراره على أن يشد على يد أسرهم ليقول لهم «نحن لا ننسى العمل الجليل الذى قام به شهداؤكم وشهداؤنا».
عقب 25 يناير 2011 عشنا فترة ابتزاز عاطفى من بعض المجموعات الثورية التى كانت تتحدث عن شهداء الثورة.
وليس لمثلى أو لغيرى أن يفتى فى مسألة من هو الشهيد بإذن الله ومن هو القتيل.
ودون أن أدخل فى التعريفات الشرعية والقانونية لهذا الموضوع أبدأ باستخدام المنطق العام الذى يمكن أن يحسم الكثير من الأمور.
أبسط قواعد هذا المنطق، هو ذلك الحوار الذى أذيع على التليفزيون المصرى فى أبريل 2011 مع مجموعة من الأسر التى تظاهرت أمام مبنى ماسبيرو من أجل «حق الشهداء» وفيما يلى نص الحوار بين مذيعة التليفزيون وأحد أقارب الذين قُتلوا فى أحداث يناير ويطالبون بمعاش الشهيد:
المذيعة: تقدر تقول لى إيه هى مطالبكم؟
الرجل: عاوز حق ولادنا، يا ناخد حقهم، يا نموت زيهم! (فى هتاف).
المذيعة: هو أخو حضرتك مات إزاى؟
الرجل: أخويا شهيد يا عالم!
المذيعة عاوزين نعرف الظروف بتاعت الحادث.
الرجل: مات عند قسم شرطة كرداسة
المذيعة: قدام القسم؟
الرجل: لا جوه القسم يا هانم!
المذيعة: ليه دخل القسم؟
الرجل: كان بيقاوم بتوع البوليس!
المذيعة: إزاى؟
الرجل: كان بيحاول يجيب سلاح من المخزن كان بيقاوم الشرطة فقتلوه ولاد.....!!
أظن هذا الحوار ليس بحاجة لتعليق، وليرحم الله شهداءنا الحقيقيين.