عماد الدين أديب
حدث شىء فى الولايات المتحدة مؤخراً يثبت أن السياسة ما زال فيها أخلاق، وأن انتماء الإنسان إلى طبقة إنسانية لا يعنى أنه معدوم الأخلاق أو الضمير كما يدّعى البعض.
منذ أيام بدأت عملية التحضير لسباق الرئاسة الأمريكية الذى ما زال فى مرحلة ما قبل المؤتمر العام للأحزاب، التى يتم فيها اختيار كل حزب لمرشحه فى المعركة الرئاسية.
فى الحزب الديمقراطى احتدمت المعركة التحضيرية بين كثير من المتنافسين أهمهم السيدة هيلارى كلينتون وزير خارجية الولايات المتحدة السابقة وزوجة الرئيس الأسبق بيل كلينتون.
الواقعة التى أثارتنى هى المؤتمر التحضيرى للمواجهات الإعلامية بين مرشحى الحزب الديمقراطى الذى تنتمى إليه السيدة هيلارى.
فى هذا المؤتمر كانت هناك مبارزات كلامية ومناقشات حارة بين السيدة هيلارى وبقية المرشحين، وخرجت فيها هيلارى متقدمة بسبب حُسن أدائها وقوة حجتها.
الشىء الوحيد الذى يمكن أن يضعف موقف هيلارى هو فتح ملف المراسلات الخاصة أثناء كونها وزيرة للخارجية حول سلامة السفارة والسفير الأمريكى فى ليبيا.
هذا الملف هو السلاح الأسود الذى يستخدمه الحزب الجمهورى المنافس ضد هيلارى ويحاول من خلال فتحه إثبات إهمالها فى تقدير الموقف السياسى فى ليبيا مما أدى إلى اغتيال السفير الأمريكى واتهامها بقيامها بمسح وإخفاء المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع من على «الإيميل الخاص بها».
وحينما حاول أحدهم فى تلك المناقشة فتح موضوع «الإيميل وليبيا»، تدخل السيناتور «ساندرز» المنافس الرئاسى لهيلارى من ولاية فيرمونت بشكل حازم وحاسم قائلاً: «يجب ألا نفتح هذا الموضوع. قد نختلف فى أمور كثيرة ولكن ليس هذا الموضوع، الذى يهمنا هو رؤية السيدة كلينتون فى قضايا الاقتصاد والصحة والسياسة الخارجية».
وعاد السيناتور ساندرز ليؤكد: لا يجب أن نلجأ فى خلافاتنا إلى هذا الأسلوب.
قال ساندرز ذلك وسط تصفيق الجميع بمن فيهم السيدة كلينتون التى تقدمت من منافسها وصافحته قائلة: أشكرك يا سيناتور على كرم أخلاقك.
هكذا يجب أن تكون أخلاق السياسة الراقية البعيدة عن مبدأ الضرب تحت الحزام، والسعى إلى تلويث الآخرين والإساءة إليهم ما دام ذلك متاحاً أو ممكناً.
السؤال: كم سياسياً لدينا فى مصر لديه أخلاقيات السيناتور «ساندرز» المحترم؟!