عماد الدين أديب
تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمى للاعنف على مستوى العالم كله، وتركز فى احتفالها على دول منطقة الشرق الأوسط التى تمثل إحصائياً أكبر منطقة تعانى من العنف والتوترات والدماء.
وإذا كان أى باحث محايد له عقل علمى موضوعى يريد معرفة لماذا يزداد العنف فى منطقتنا بينما يقل فى دول العالم المتحضر فإن عليه أن يسأل السؤال التاريخى: لماذا ينشأ العنف؟
علمنا التاريخ أن العنف ينشأ حينما يستحيل الحوار، ويصل التفاهم بين الأطراف إلى طريق مسدود.
فى هذه الحالة نحن أمام حالة حكم مستبد أو مجتمع متطرف أو كليهما فى آن واحد.
فى حالة الحكم المستبد فإنه نوع من الحكم الذى يتميز بعقلية أحادية الاتجاه تفكر بطريقة «من ليس معى فهو عدوى حتى النهاية».
فى هذه الحالة تصبح قنوات الحوار مسدودة وتصبح وسائل التفاهم مستحيلة، وتصبح إمكانية أى تسوية سياسية نوعاً من الأوهام.
أما فى حالة المجتمع المتطرف فهى حالة يسعى فيها الحكم إلى بناء نظام إصلاحى متطور لكن نخبة المجتمع والقوى السياسية فيه غير قابلة وغير مستعدة له، بل إنها تعتبر أن إجراءات هذا الإصلاح هى عمل معادٍ لمصالحها، لذلك تسعى بكل ما أوتيت من قوة مشروعة أو خارج الشرعية إلى تعطيل الإجراءات وهدم النظام القائم حتى لو استدعى ذلك استخدام السلاح وإراقة الدماء.
فى هذه الحالة تصبح حكمة النظام الحاكم هى العنصر الأساسى فى تصعيد أو تخفيض وتيرة العنف مع هذا النوع من المجتمع وهذا التيار الأحمق من النخبة.
أما الحالة الثالثة، وهى حالة الحكم المستبد فى ظل مجتمع متطرف، فهى تصبح «الحالة الكابوس» التى تفتقر فيها كل الأطراف إلى الحكمة ولا يكون هناك أى مجال لتفادى انفجار الوضع وحدوث كارثة الحرب الأهلية.
إن نموذج سوريا الآن هو خير معبر عن حالة المجتمع الكابوس، الذى تتوافر فيه عناصر الحكم المستبد والمعارضة التكفيرية.
فى سوريا أدى الصدام بين الحكم المستبد والمعارضة التكفيرية إلى 250 ألف قتيل ومليونى جريح و6 ملايين لاجئ ونازح وخسائر مباشرة وغير مباشرة فى البنية التحتية للبلاد تتجاوز 70 مليار دولار أمريكى بأسعار اليوم.
إن فاتورة الجنون، سواء كان من الحكم أو المعارضة أو كليهما، باهظة للغاية يدفع ثمنها أجيال وأجيال.