عماد الدين أديب
ما أسوأ أن تُزهق روح إنسان هكذا مجاناً دون أى معنى أو فداء لأى مبدأ أو قيمة.
ولأن النفس هى أعلى ما يملكه الإنسان؛ لأنها هدية الخالق إلى البشر، فإن الخالق قد استنكر قتل النفس أو قتل الغير إلا بالحق، واعتبر فى كتابه الكريم أن من قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً، وعظّم من قدر من يحيى النفس فكأنما أحيا الناس جميعاً.
وما نشهده هذه الأيام من القتل المجانى للنفس أو للغير تحت ظل فتاوى مغلوطة، وشعارات فاسدة، هو أمر شديد الخطورة بمكان إلى حد أصبح ينذر بقيام حرب حضارات ويهدد بعودة الحروب الدينية التى عانت منها البشرية فى القرون الوسطى.
وبهذا المفهوم المغلوط قامت غزوة «مانهاتن»، التى نفذها تنظيم القاعدة فى 11 سبتمبر 2001، وأدت إلى غزو العراق واحتلال أفغانستان بكلفة 2٫5 تريليون دولار، و20 ألف قتيل، ومائة ألف جريح من كل الأطراف.
وبهذا المفهوم المغلوط، وبهذه الفتاوى المسمومة، تظهر التنظيمات المسماة بالجهادية، دون أن نفهم بالضبط ماهية الجهاد وشروطه وموجباته، وما هى الجهة المناط بها إعلانه.
هذه الفتاوى المسمومة هى ما يهدد سلامة كل منطقة الشرق الأوسط، ويكاد يفجر الأمن والاستقرار فى أوروبا، ويدعو إلى قيام أمريكا بالدعوة إلى عقد اجتماع مع كل شركائها فى واشنطن الشهر المقبل لبحث ظاهرة «الإرهاب المتأسلم».
هذا الجنون هو الذى أدى إلى ظهور حرب أهلية دموية فى الجزائر أدت إلى فقدان 100 ألف قتيل تحت التباس فى فهم الشرعية والإسلام. هذا الجنون هو الذى أدى لاستمرار حرب الطوائف فى لبنان لمدة 17 عاماً، وهو سبب كارثة العراق، ومأساة سوريا، وهيستيريا ليبيا، والجرح النازف فى مصر.
هذا الجنون هو الذى خلق القاعدة، والنصرة، والحوثيين، وداعش.
هذا الجنون هو الذى جعل التفجير للسيارات والتفجير للنفس أسلوباً ومنهجاً لقتل الحياة فى هذا العصر.
هذا الجنون هو الذى جمع 2٫5 مليون متظاهر يقودهم 60 زعيم دولة فى باريس.
وهذا الجنون هو الذى جعل نتنياهو -مجرم الحرب- يقوم بالاصطياد فى الماء العكر ضد «الإرهاب الإسلامى»، على حد زعمه.
هذا الجنون يضع كل ذوى الأصول العربية والإسلامية الذين يقيمون فى أوروبا وأمريكا وكندا فى خطر عظيم يهددهم ويجعلهم فى دائرة «الشك».
إنه قتل للقتل وإزهاق أرواح تحت مظلة فتاوى مسمومة.
هذا الزمن المخيف هو ما حذرنا منه سيد الخلق، عليه أفضل الصلاة والسلام، حينما قال عن علامات الساعة: «سيأتى زمن لن يعرف فيه المقتول فيمَ قُتل».