بين العقل والجنون

بين العقل والجنون

بين العقل والجنون

 لبنان اليوم -

بين العقل والجنون

عماد الدين أديب

بينما كنت في حالة نشوة استثنائية وأنا أتناول طنا من حلوى الجبن الشهيرة، اقتحم عزلتي وأفسد سعادتي شاب شديد الثورة والغضب، ودار بيننا الحوار التالي: الشاب: يا أستاذ، في الوقت الذي تلتهم فيه - سعادتك - حلوى الجبن، إخوانك وأخواتك من النازحين السوريين لا يجدون بطانية ولا شربة ماء وكسرة خبز! العبد لله: يا سيدي، القصة لا يتم التعامل معها على هذا النحو وبهذا القدر من الحدة. الشاب: ألا تتفق معي في أن هناك جريمة مروعة تحدث يوميا في الواقع وعلى شاشات التلفزيون ونحن في أقصى درجات السلبية، وكأننا نعلن بصمتنا هذا أننا نوافق على هذه الجريمة؟ العبد لله: أتفق معك في أنها جريمة منظمة، وضد الضمير، وضد الإنسانية، لكن التعامل معها لا يكون بالانفعال ولكن بالعقل. الشاب (غاضبا): أي عقل هذا الذي تتحدث عنه يا أستاذ؟ أي عقل والطائرات القاذفة تلقي بقنابلها على المدن السكنية؟ أي عقل ومدفعية الميدان الثقيلة تمسح المدن مسحا؟! العبد لله: العقل لا يعني الاستسلام أو القبول بالأمر الواقع. ولكن العقل يعني ألا نجعل الغضب يسيطر عليك وعلى انفعالاتك. الشاب: بماذا يمكن أن يفيدنا العقل؟ العبد لله: أن تعرف أولا عدوك.. وأن تعرف هدفك. وأن تحدد إمكاناتك، وأن تحدد بالضبط أولوياتك بجدول زمني دقيق. الشاب: هذا كلام نظري لا يسمن ولا يغني من جوع! العبد لله: أبدا.. هذا هو المنهج الوحيد الذي يؤدي إلى الإنجاز الحقيقي، في ظل هذه الهستيريا التي نحياها في عالمنا العربي. البعض - يا صديقي - يعتقد أن ارتفاع الصوت يعني ارتفاع الحق والمنطق. الشاب: لا بد أن يرتفع صوت الحق. العبد لله (مقاطعا): يا ابني، اسمع الكلام.. القصة ليست بارتفاع الصوت، ولكن بالفهم المنطقي للأمور. عليك أن تعرف أن النظام في سوريا لن يرحل سريعا، ولن يرحل بسهولة، وأن الأميركان يقولون ما لا يفعلون، وأن الأتراك - ملوك البزنس - يستفيدون من الحدث السوري، وأن الإسرائيليين سوف يتدخلون لو حكمت «جبهة النصرة»! الشاب: لحظة واحدة.. هذا سيناريو الكارثة. العبد لله: ألم أقل لك إن المسألة تحتاج إلى عقل؟ الشاب: وهل هناك مجال للتعقل في هذا الزمن؟ العبد لله: حتى لو أردت الجنون، عليك أن تمارس هذا الأمر بأكبر قدر من العقل! نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين العقل والجنون بين العقل والجنون



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon