عماد الدين أديب
آفة العقل السياسى للنخبة فى مصر هى فكر الإلغاء!
الإلغاء يعنى عدم الاعتراف -أولاً- بوجود الآخر المختلف عنا، ثم السعى -ثانياً- إلى حذف هذا الآخر من كل أشكال الوجود الفعلى والعملى من حياتنا.
الإلغاء يعنى أن هناك طرفاً له كل الحقوق التى يمنعها جميعها عن الطرف الآخر.
ومنطق الإلغاء هو المشترك الأساسى فى سلوك كافة الفصائل السياسية المصرية بصرف النظر عن جذورها الأيديولوجية وعن مصالحها السياسية.
كلما صعد تيار ما إلى السلطة عبر الشرعية أو غيرها كان همُّه الأول والأكبر إثبات 3 أمور:
1- أن العهد أو العهود السابقة كلها شر مطلق.
2- أنه وحده دون سواه ومن يناصرونه هم أصحاب الصواب المطلق.
3- محاولة تثبيت كل من يناصره وإلغاء كل من يخالفه.
أولى وسائل الإلغاء السياسى هى محاولة الاغتيال السياسى لخصومنا السياسيين.
أول ملامح الفكر الإلغائى هو رفض التعاون مع القوى المخالفة لنا فى الرأى أو المصالح، ومنع إشراكهم فى الحياة السياسية ومؤسسات الدولة.
من ملامح الفكر الإلغائى أنه لا يعترف بمنطق التسامح السياسى الذى يمهد لما يُعرف بآليات العدالة الانتقالية التى ضمّدت جراح مجتمعات كادت أن تتفكك مثل: جنوب أفريقيا، ورواندا، ورومانيا، واستطاعت أن تطوى صفحة الماضى وتغلق ملفات الثأر والثأر المضاد.
الفكر الإلغائى يؤمن بنفسه فقط، ولا يرى أى حق لوجود أى قوى أخرى، ويؤمن بأن المعارضة هى مسألة شكلية وأنها ليست من ركائز النظام السياسى الديمقراطى الرشيد.
الفكر الإلغائى يؤمن بنظرية دمرت حضارات وأنظمة وحكومات على مر التاريخ، جوهرها الفلسفى هو: «حتى أكون أنا، لا يجب أن تكون أنت»!
هذه الجريمة التى وقعت فيها كل فصائل واليمين واليسار والوسط فى مصر!