عماد الدين أديب
لو أراد الله سبحانه وتعالى أن يحكم بين الناس مباشرة لفعل، فهو القادر على كل شىء، لكنه أقام شرع الله بين الناس كى يكون هادياً لهم فى كل زمان ومكان.
إذن الحكم لله من خلال شريعته، وليس من خلال أشخاص يدعون أنهم يحكمون نيابة عنه أو بتفويض منه فتصبح المعادلة أن من يؤيد هؤلاء يصبح «مع» الله ومن يخالفهم يصبح «ضد» الله.
الله لم يعط توكيلاً لأحد، لذلك تنزهت ذاته العليا عن أن يكون له شبيه أو مثيل، فهو ليس كمثله أحد، وهو لم يلد ولم يولد، لذلك فهو الذات الوحيدة التى كانت قبل القبل وستبقى بعد أن يفنى كل شىء.
هذه الحقائق التى تبدو منطقية للوهلة الأولى هى أساس وجوهر تحديد علاقة الإنسان بالكون وبالخالق.
وبرغم وضوح تلك الحقائق فإننا ما زلنا نعانى من هؤلاء الذين يحكمون وكأنهم -أستغفر الله- يتقمصون صفة الخالق.
ما زلنا نعانى ممن يقتل الأبرياء ويحكم عليهم بالموت مدعياً أن ذلك هو «أمر الله».
ما زلنا نعانى ممن يتهمنا بالكفر والإلحاد والفرار من الزحف يوم الجهاد تحت تفسيرات مغلوطة خاصة به، يرفضها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكأن لهؤلاء تفسيرهم الشخصى الخاص بهم لشرع الله.
وكأن هناك مجموعة من البشر لديها الحق الحصرى فى إعطاء صكوك الإيمان وتنفيذ قرارات الخطف والغزو والسلب والنهب والتفجير والإعدام.
هذا النوع من الجنون الهستيرى هو الذى يعدم الصحفيين الأجانب ويذبح المسيحيين ويدمر كنائسهم، وينزع عن المسلمين صفة الإيمان.
هذا النوع من الجنون يدعونا إلى دولة خلافة إسلامية، والله وحده يشهد أنها ليست دولة وليست إسلامية.
إنها دولة الجنون الكامل.