عماد الدين أديب
عشنا طوال حياتنا نؤمن بالمقولة القائلة «عدو عدوى صديقى»، ولكن الأحداث الأخيرة المجنونة التى نعايشها فى المنطقة العربية أثبتت لنا أن عدو عدوى ليس بالضرورة صديقى، بل إنه أحياناً قد يكون -أيضاً- عدوى!
تعالوا نستعرض هذا المنطق الأعوج!
مثلاً فى حالة «حزب الله» اللبنانى، وعدائه لإسرائيل فإن المنطق يقول إن هذا العداء يجعل من الحزب صديقاً للعرب والمسلمين، إلا أن صداقة الحزب وولاءه ومرجعيته لإيران لن تشجع، وتبنِّى رؤية مذهبية وفارسية يجعل من الحزب ليس صديقاً ولكن يصنف فى حالة العداء.
تعالوا أيضاً نستعرض حالة حركة «حماس» فى غزة فهى للوهلة الأولى تبدو فى صراعها مع إسرائيل قوى صديقة إلا أن قيامها بدعم جماعة الإخوان وتشجيع الإرهاب فى سيناء يجعلها قوى معادية للمصالح المصرية العليا.
أما فى حالة حركة «داعش» فإن المصيبة تصبح أعظم!
حركة «داعش» حركة سنية تعادى حالة التطرف الشيعى التى يتبناها نورى المالكى، رئيس وزراء العراق الموالى للنظام الإيرانى المعادى للسنة والعرب، قد تبدو للوهلة الأولى نموذجاً لعبارة «عدو عدوى صديقى»، إلا أن جنون حركة «داعش» وعداءها للقوى السنية المعتدلة وتكفيرها لهم يجعلها ليست صديقة، بل معادية للسنة كما هى معادية للشيعة.
نفس الحال ينطبق على رجب طيب أردوغان الذى يهاجم إسرائيل ليل نهار، لكنه فى ذات الوقت يدعم جماعة الإخوان المسلمين بغير حدود.
إن ما يحدث حولنا يحطم كل المبادئ والدروس التاريخية التى تعلمناها على مر السنين ويخلق واقعاً جديداً قائماً على منطق أعوج دخيل على عقولنا ونفوسنا.
إننا نعيش فى زمن التناقض واللامنطق وبيع العقول والضمائر.
إننا نعيش فى زمن مغاير تماماً لكل ما فهمناه وتربينا عليه.
لذلك كله يتعين علينا الفم بوعى كامل لحقيقة ما يدور حولنا ولا نأخذ الأمور بظواهرها وبما تبدو عليه للوهلة الأولى.
هذا زمن يدعونا إلى التعمق فى حقائق وطبيعة نوايا كل من حولنا.
لذلك عدو عدوى ليس بالضرورة صديقى!