عماد الدين أديب
انتهت كأس العالم لكرة القدم بفوز ألمانيا وهزيمة الرأى العام فى عالمنا العربى!
تتحدث إحصائيات الرأى العام عن أن هذه الكأس حظيت بأعلى نسبة مشاهدة عالمية لحدث واحد فى ذات الوقت، بشكل تعدى المتابعة العالمية لحادث اغتيال الأميرة ديانا ومتابعة تفجير الأبراج فى نيويورك.
المؤلم أن هذه المتابعة جاءت فى شهر يعد من أسوأ شهور العالم العربى. وكانت ذروة المتابعة فى مباراة البرازيل مع ألمانيا التى انتهت بهزيمة البرازيل سبعة مقابل هدف واحد.
فى ليلة هزيمة البرازيل وصلت داعش وقواتها إلى الطريق المؤدى إلى بغداد، واستخدمت قوات الأسد مرة أخرى أسلحة كيماوية، وفشل اكتمال النصاب القانونى فى البرلمان اللبنانى لاختيار رئيس جمهورية، واستمرت المناقشات البيزنطية فى مصر حول ارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء، وفى ذات ليلة البرازيل قامت طائرات إسرائيل بقصف مدنيين فلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال.
فى ليلة هزيمة البرازيل لم يتألم العرب لكل هذه الأحداث، لكن غلبتهم الحسرة واللوعة والأسى على هزيمة السامبا البرازيلية، وانشغل الناس بصحة اللاعب الفذ «نيمار» الذى غاب عن المباراة لإصابته فى المباراة السابقة. وتدل إحصائيات المشاهدة أن متابعة كأس العالم أولاً ثم المسلسلات ثانياً كانت أكثر مشاهدة من أخبار العالم العربى، وأكثر من المتابعة التقليدية لصلاة التراويح من مكة المكرمة. هذه هى نوعية الرأى العام العربى الذى نتعامل معه اليوم بعدما أصيب بحالة من الإنهاك الإعلامى والسياسى، لمدة أربع سنوات من المتابعة اليومية المؤلمة لأحداث وتطورات دول الربيع العربى دقيقة بدقيقة.
هذا الرأى العام وقع فى قاع بئر الأزمة، ولا يعرف بالضبط كيف يخرج منها، لذلك يلجأ إلى الهروب والغياب فى عالم الكرة وحكايات وأوهام المسلسلات الرمضانية.
أمر يستحق التحليل والدراسة العميقة!