عماد الدين أديب
كيف يفهم الإنسان المصري الوظيفة العامة؟
للأسف معظم العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة يؤمن بأنه لا يحصل على الراتب أو المقابل المادى الذى يستحقه، لذلك فهو يعمل -إذا عمل- «على قد فلوس» الدولة.
معظم الذين يعملون فى الجهاز الإدارى للدولة يعتقدون أن الراتب ليس مقابل عمل، لكنه «علاوة اجتماعية» أو «إتاوة» تدفعها الدولة كإعانة لسد بعض العجز فى تكاليف الحياة لـ7 ملايين موظف وموظفة.
لا يتم النظر للوظيفة العامة على أنها «تكليف» أو «تشريف»، لكنها التزام من الدولة لتشغيل العاطلين عن العمل بصرف النظر عن ملاءمتهم للوظيفة أو كفاءتهم فى أداء هذه الوظيفة.
فى إسرائيل هناك ثقافة عامة تؤمن بأن العمل فى الدولة هو جزء من ضريبة خدمة الوطن بهدف تحسين أداء الجهاز الإدارى للدولة.
فى الولايات المتحدة يترك رئيس مجلس إدارة شركة عملاقة مرتبه ومخصصاته السنوية التى قد تتعدى المائة مليون دولار ويعمل فى الجهاز الحكومى أو الجهاز الدبلوماسى خارج الوطن من أجل خدمة البلاد أمثال سليون روكفلر، وآل كيندى بدءاً من الأب الذى عمل سفيراً فى بريطانيا حتى الحفيدة التى تعمل كدبلوماسية فى اليابان.
آخر من يعملون فى الوظيفة العامة رغم أنها تعنى له خسارة مادية ضخمة هو السيناتور جون كيرى الذى قَبِل تكليف الرئيس أوباما وموافقة الكونجرس له كوزير للخارجية.
السيناتور كيرى من عائلة ثرية ومتزوج من شريكة حياة تعتبر من أغنى النساء فى الولايات المتحدة، لكنه يؤمن إيماناً راسخاً أنه قد حان الوقت كى يسدد لبلاده جزءًا من فضل الوطن عليه، لذلك عليه أن يتطوع للوظيفة العامة.
العمل فى الجهاز الحكومى ليس فرصة انتهازية للفساد أو فرصة لاستغلال الموقع العام من أجل الشهرة أو استغلال الوظيفة العامة لإقامة شبكة مصالح خاصة.
بعض الشخصيات العامة فى بلادنا أنفقت الملايين على حملة انتخابات وحينما سئلت ما جدوى إنفاق هذه الملايين على شراء الأصوات والحملات الدعائية يقولون إن هذه الأموال هى أفضل استثمار لأن ما ننفقه اليوم سوف نحصل على أضعاف أضعافه حينما نحصل على المقعد النيابى أو الوظيفة العامة.
تلك هى المسألة، وهذا هو الخطر الحقيقى.