عماد الدين أديب
لن أدخل فى مناقشة ما يسمى بمحتوى التسريبات التى تذاع على مواقع التواصل الاجتماعى ويتم نقلها وتداولها بسرعة جنونية فى جميع وسائل الإعلام، ويتم الصراع عليها بين مؤيد ومعارض، وبين مؤكد لمصداقيتها ومكذب لكل ما جاء فيها.
القصة فى رأيى ليست من قال؟ أو ماذا قال؟ أو مدى صحة ما هو منسوب؟ ولكن السؤال الصحيح من وجهة نظرى هو: من الجهة التى تملك القدرة على خلق حالة التشويش المذهلة التى تصيب الرأى العام كلما تم الكشف عن تسريب صحيح أو كاذب؟
إننى أسأل: من الجهة القادرة على الاختراق لخطوط الهاتف والتسجيل لكبار موظفى الدولة أو كبار الشخصيات؟!
ومن الجهة القادرة على الحصول على البصمة الصوتية لكبار المسئولين هاتفياً وتزوير حوار بالكامل لهم ثم إذاعته وتسويقه ونشره بشكل واضح؟
هذه التسريبات إما أنها صحيحة أو أنها مزورة، وفى الحالتين تلك ليست هى المسألة التى تقلقنى، ولكن الذى يزعجنى هو معرفة الجهة القادرة على اختراق خصوصية المحادثات، أو الجهة القادرة على تزويرها وترويجها.
هناك «فعل» ولا بد له من «فاعل» والذى يعنينى هو معرفة «الفاعل» بصرف النظر عن محتوى المحادثات أو مدى صحتها أو كذبها.
الاختراق هو جريمة، والتزوير أيضاً جريمة.
التنصت فى دول العالم المحترم مسموح به، ولكن بإذن مسبق من الجهات القضائية، ويتم فى أضيق نطاق ممكن، ولا يستخدم كوسيلة للثأر السياسى، ولكن بهدف تعقب جريمة أو حماية أمن قومى.
وفى معظم الأحيان لا يتم الكشف عن محتوى التسجيلات أو إذاعتها إلا إذا تم التأكد من صحتها، أو ثبت أن ما جاء فيها يشكل دليل اتهام أو براءة لمن تم التسجيل له.
نحن بحاجة ماسة إلى معرفة حقيقة هذه التسريبات، ونعلم الجهة التى قامت بتزويرها وتسويق محتواها.
علينا أن ننتقل من الاكتفاء بالحديث عن التزوير والتآمر فحسب.
إن أخطر شىء فيما يحدث الآن أننا نستطيع أن نقوم بالاغتيال المعنوى لأى شخصية عامة صدقاً أو كذباً، عن حق أو عن باطل، دون وجود أى تصريح قانونى بالتنصت والتسجيل لهذه الشخصية.
إننا أمام جريمة ثلاثية الأركان: الركن الأول هو التنصت، والثانى هو التسجيل، والثالث هو الإذاعة والتسويق لهذه المادة.
هذا بالطبع إذا صحت المادة، أما الجريمة الراهنة وهى الأكبر فهى الاختلاق والتزوير.
ألم يحن الوقت كى تتوقف هذه الهستيريا؟!