أعظم الانتصارات الردع دون قتال

أعظم الانتصارات: الردع دون قتال

أعظم الانتصارات: الردع دون قتال

 لبنان اليوم -

أعظم الانتصارات الردع دون قتال

عماد الدين أديب
بقلم : عماد الدين أديب


بينما طبول الحرب تدق فى سماء المنطقة من إيران إلى اليمن، ومن اليونان إلى ليبيا، ومن بحر العرب إلى مضيق هرمز، ومن البحر الأحمر إلى شرق البحر المتوسط، تعالوا نتأمل شكل الصراع الحالى.

نحن الآن نعيش حالة حروب إقليمية فى المنطقة، بعضها مثل سوريا واليمن فيه قتال، والآخر مثل إيران ينذر بها، وفى ليبيا نحن أمام حرب محلية إقليمية ذات مساندة وتدخل دولى.

الجميع، وأعنى الجميع، كلفة الحرب -بمعنى عمليات قتالية تبدأ ولا نعرف متى تنتهى- هى فاتورة مكلفة للغاية لا يسعى أحد لدفع تكاليفها، من هنا جاءت فكرة التلويح بـ«الردع».

تعريف الردع العسكرى هو إثبات أن قوة الدولة هى القادرة على مواجهة قوة العدو، أى القوة بالقوة.

هناك مغانم فى حالة الانتصار، مثل المياه فى حالة إثيوبيا، ومثل الغاز فى حالة شرق المتوسط، والنفط والتحكم فى مسارات التجارة والملاحة الاستراتيجية فى حالة إيران.

مياه، غاز، نفط، أماكن ومنافذ استراتيجية تُغرى أصحابها بالتصعيد والوصول بالصراعات إلى حالة حافة الهاوية.

مخاطر لعبة حافة الهاوية التى ابتدعها جون فوستر دالاس، وزير خارجية الولايات المتحدة فى الخمسينات، أنها قد تنفلت وتنزلق إلى صراع عسكرى شامل غير محكوم، وغير مضمون النتائج.

«حافة الهاوية» تهدف إلى التهديد بالحرب من أجل الحصول على نتائجها دون قتال، بمعنى أن «تُشعر خصمك بأنه سوف يخسر كل شىء فى صراعه معك، وأنك بالفعل جاد فى الوصول إلى النهاية، حتى لو كانت حرباً لا محدودة من أجل الحصول على أهدافك الاستراتيجية».

من هنا تصبح مسألة تحقيق النتائج والأهداف عند التلويح الجاد باستخدام القوة، دون استخدامها فعلياً، هى واحدة من أعقد وأصعب عمليات إدارة الصراع والمواجهة الاستراتيجية.

سياسة الردع هى عملية كلية تشترك فيها السياسة، والدبلوماسية، والاقتصاد، والعقوبات التجارية، مع استخدام وسائل الإعلام والتصعيد السياسى، بالإضافة إلى التلويح الجاد بالأعمال العسكرية.

من هنا يمكن فهم إعادة رجب طيب أردوغان خلال اجتماعات موسكو الأخيرة لحساباته حول ليبيا.

قيل لـ«أردوغان» من قِبل رئاسة الأركان التركية: هل أنت على استعداد لأن ترسل نصف الجيش التركى إلى ليبيا من أجل خوض معارك مكلفة للغاية على أراض غريبة عنا فى الصحراء والبحار مع طول خطوط الإمداد والتموين التى ترتبط بين أقرب ساحل تركى وطرابلس؟ هل تريد مواجهة الغواصات وحاملات الطائرات والمدمرات والفرقاطات المصرية؟

قيل لـ«أردوغان» من قِبل مساعديه فى الاستخبارات العسكرية: إن المناورات التى يجريها الجيش المصرى على طول وعرض البحر المتوسط المعروفة بـ«قادر 2020» التى تعد الأضخم فى تاريخ العسكرية المصرية تؤكد جدية القتال الواسع النطاق من جانب المصريين فى حال صدور شرارة القتال.

قيل لـ«أردوغان» من قِبل العسكريين الروس: «نحن نعرف تاريخ الجيش المصرى ونحن نساهم منذ فترة فى تطوير تسليحه من الصواريخ أرض/جو إلى طائرات «الميج 29» الفائقة الكفاءة، إلى كفاءة المقاتلين والطيارين والمهندسين والخبراء فى إدارة الحروب الإلكترونية الحديثة»، وقيل له: هل تريد مواجهة «الرافال» الفرنسية و«إف 16» الأمريكية و«الأباتشى» و«الشينوك»؟

قيل لـ«أردوغان»: هل تريد المواجهة الشاملة مع الجيش رقم 9 فى ترتيب جيوش العالم من أجل حصة غاز؟

افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى لقاعدة «برنيس» العسكرية فى البحر الأحمر، بالحضور اللافت للشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى وكبار الضيوف من دول المنطقة، هو رسالة مزدوجة لأردوغان هى أن مصر جاهزة تماماً -إذا دعت الحاجة- للقتال الشامل مهما كانت التكاليف، خاصة أنها ليست وحدها، بل مدعومة بأشقاء فى الإمارات، والسعودية التى شارك نائب وزير دفاعها الأمير خالد بن سلمان فى حضور الافتتاح.

لا تزعجكم تصريحات «أردوغان» النارية، ولكن تأملوا سلوكه على الواقع الذى يمكن رصده -حتى الآن- على النحو التالى:

1- لم يرسل سوى 35 خبيراً عسكرياً قُتل 3 منهم وأصيب 6.

2- أرسل 300 إرهابى سورى.

3- يدرب 2000 داعشى سورى فى تركيا فى طريقهم لليبيا.

4- أعلن وزير خارجيته -لأول مرة- ضرورة وجود المشير حفتر فى مفاوضات موسكو.

5- انزعاجه الشديد من سقوط اتفاق موسكو، الذى يعكس سوء أوضاع حلفائه على مسرح العمليات، ورغبته فى تحقيق أى انتصار سياسى دونما الاضطرار إلى خوض القتال الذى اكتشف أنه صعب ومكلف ومؤلم ولن يكون لصالحه.

رسائل الرئيس السيسى الفعلية المفروض أن تكون قد وصلت لأردوغان، فهل يرتدع؟

الآن يعرف أردوغان أكثر من أى وقت الثمن الفادح الذى يمكن أن يدفعه لحماقاته.

وعليه أن يقرر أى ثمن يمكن أن يدفع.. خسارة المواجهة المكلفة للغاية أم خسارة التراجع المهين لذاته المتضخمة بعدما أعلن عن مشروعه العثمانى الجديد؟

أيام قليلة ونعرف الإجابة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أعظم الانتصارات الردع دون قتال أعظم الانتصارات الردع دون قتال



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon