بقلم : عماد الدين أديب
أزمة العقل العربى أنه يركز على الشكل وليس المضمون، وعلى الظاهر وليس الباطن، وعلى الطريقة والأسلوب وليس الهدف النهائى أو الاستراتيجية.
خير نموذج لهذه الإشكالية هو حالة «سعد الحريرى» والجدل الدائر حولها الآن. المناقشات فى أروقة السياسة والإعلام ووسائل التواصل تدور حول:
1- هل الرجل استقال بإرادته أم أُرغم عليها؟
2- هل هو محتجَز فى الرياض أم باقٍ هناك بإرادته؟
3- هل هو متهم -ضمن الآخرين- بقضايا الفساد أم لا علاقة له بالموضوع؟
وحيث إن المسألة فى مثل هذه الأمور هى مسألة شفافية ومعلومات صحيحة، وحيث إن هاتين الصفتين من رابع المستحيلات فى عالمنا العربى، فإن البوصلة الوحيدة التى يمكن أن ترشدنا هى الوقائع الثابتة فى مجرى الأحداث.
والمذهل أن الناس غرقت فى التفاصيل إلى حد التساؤل مساء أمس الأول عقب مقابلته التليفزيونية حول 3 أمور:
1- هل المقابلة مباشرة أم مسجلة؟
2- من هو الرجل الذى تدخل يده فى كادر التصوير وماذا يوجد فى الورقة التى يقدمها له؟
3- أين ساعة سعد الحريرى الذكية «ماركة آبل» التى اعتاد ارتداءها؟
ودون الدخول فى هذا الجدل البيزنطى هناك عدة حقائق لا يختلف عليها اثنان، ولا يتناطح عليها تيسان، وهى:
1- أن الرجل قال إنه عائد إلى لبنان فى غضون أيام وليس أسابيع.
2- أن الرجل يعتبر أن استقالته ليست نهائية ولكنها مرتبطة بمدى قبول حزب الله لسياسة النأى بالنفس.
3- أنه، حسب كلامه، على علاقة توافق وليس على علاقة صدام أو خصام مع ولىّ العهد السعودى محمد بن سلمان.
هذه الأمور التى قيلت، سواء صدّقها الناس أو لم يصدقوها، ستكون محل اختبار نهائى فى غضون أيام، وهى أهم من الأوهام والخزعبلات، ومسألة ساعة يده الرقمية.