حتى لا ندفن رؤوسنا فى الرمال نقول: «هناك أزمة حقيقية بين مصر ودول الخليج العربى».. هذه الأزمة سببها شعور دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات «بالعتب الشديد» على السياسة الخارجية المصرية فى مجموعة من التصرفات والسياسات يمكن إجمالها على النحو التالى:
أولاً: مفاجأة مندوب مصر الدائم فى مجلس الأمن الدولى للمجموعة العربية التى يمثلها بوصفه ضمن الدول العشر الأعضاء فى مجلس الأمن بالإضافة إلى الدول دائمة العضوية بالتصويت الداعم لروسيا والرافض لإيقاف هجمات الطيران الروسى الإجرامية.
هذا الموقف يصنف تماماً مع خندق روسيا وإيران والحرس الثورى الإيرانى وحزب الله ونظام بشار الأسد وجيشه.
وهذا الموقف - بالتالى - يصنَّف ضد دول الخليج العربى وأوروبا والولايات المتحدة والمعارضة الوطنية السورية.
وتردد أن هذا الموقف المصرى جاء دون تنسيق مسبق أو حتى إخطار أو إحاطة للجانب الخليجى.
ثانياً: فوجئ وزراء خارجية دول الخليج العربى بصورة فوتوغرافية منشورة على الإنترنت تضم وزيرى خارجية مصر وإيران فى سابقة نادرة وفى توقيت شديد الحساسية بالنسبة لموقف إيران من دعم الحوثيين فى اليمن والعمليات العسكرية فى حلب ومحاولات اقتحام الموصل فى العراق.
ويتردد أيضاً أنه لم يتم إخطار أو حتى القيام بتشاور أخوى بين مصر وشركائها الخليجيين فى هذا اللقاء.
ثالثاً: عتب وزراء الخارجية الخليجيين من أن مصر كانت تعلم من خلال عضويتها فى مجلس الأمن بمسودة قرار شديد السلبية ضد دول التحالف العربى التى تقوم بعمليات عسكرية فى اليمن ولم تخطر أشقاءها من دول الخليج، وقيل إن دول الخليج علمت بالتقرير من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة وليس من المندوب المصرى فى مجلس الأمن.
وقيل أيضاً إن «العرف السائد» هو أن أى عضو عربى فى مجلس الأمن يقوم بإحاطة المجموعة العربية بأى تحركات أو نشاطات تمس أى دولة عربية، فما بالنا بتقرير يسىء لقوات التحالف العربى «السعودية - الإمارات» فى استهداف المدنيين اليمنيين عسكرياً؟
وقيل أيضاً إن آخر مندوب عربى كان فى مجلس الأمن وهو مندوب الأردن كان يحيط كل أعضاء المجموعة العربية بتطورات الأمور فى مجلس الأمن.
ويمكن من خلال هذه الأمور تفسير وجود أصوات فى الإعلام الخليجى تنتقد السياسة المصرية، وقيام المندوب السعودى فى الأمم المتحدة السفير يحيى المعلمى بوصف تصويت مصر فى مجلس الأمن بـ «القرار المفاجئ والمؤلم».
ويمكن أيضاً من خلالها تفسير غضب إماراتى مكتوم وقلق فى أبوظبى من سياسات القاهرة.
ويمكن أيضاً تفسير تأخر شحنة النفط الشهرية الآتية من أرامكو السعودية إلى شهر مقبل أو شهور مقبلة، واحتمال توقفها تماماً.
ويمكن تفسير الموقف المصرى من هذه الأمور على النحو التالى:
1- أن مصر كدولة شقيقة لدول الخليج تفرق بين علاقة الأخوة وعلاقة التبعية، بمعنى أنها أعلنت على لسان الرئيس السيسى فى الشهر الماضى خلال كلمته فى الأمم المتحدة «أن مصر ملتزمة تماماً بأمن دول الخليج وأن أمنها ينبع من أمن مصر».
الخلاصة أن مصر لا تتخلى عن دول الخليج لكنها أيضاً لا تتخلى عن سيادتها وتترك لنفسها حرية الحركة الكاملة فى خدمة المصالح الوطنية العليا لمصر دون تحفظ أو شروط مسبقة.
ويرد أيضاً الجانب المصرى أن موقف مصر من الأزمة السورية ليس مفاجئاً لأحد وهو مطروح داخل وخارج الغرف المغلقة، وأن مصر التى تحارب الإرهاب لا يمكن أن تدعم قراراً يمنع ضرب «تيار التكفير الدينى» فى سوريا.
وقال لى طرف عربى، صديق للطرفين الخليجى والمصرى، إن عدم الإسراع فى حدوث لقاء سريع جداً على أرفع مستوى بين البلدين قد يدفع شهر العسل بين القاهرة وعواصم الخليج إلى نهاية مؤلمة وخاسرة لكلا الطرفين.