بقلم : عماد الدين أديب
يلعب الرئيس فى النظام السياسى الأمريكى دوراً رئيسياً، فهو رئيس السلطة التنفيذية، ولديه سلطة إعلان الحرب، وإعلان حالة الطوارئ، وعقد المعاهدات، وإقرار وتجميد الميزانية العامة للدولة، لكن ذلك كله مقيَّد بالسلطة التشريعية، وأحكام المحكمة الدستورية العليا، والدستور، والرأى العام.
الرئيس فى «واشنطن» قوىّ، ولكن ليس صاحب سلطة متفرّدة أو مطلقة.
إذن فالقرار فى «واشنطن» لا يصنعه رجل واحد مهما كان نفوذه أو تأثيره أو شعبيته.
هنا فقط لا بد من التحذير بأنه من الخطأ أن يتعامل بعض حكام الشرق الأوسط مع العلاقات بين بلادهم والولايات المتحدة الأمريكية بأنه يكفى فيها أن تكون مقتصرة على علاقة شخصية بينهم وبين الرئيس الأمريكى وحده.
العاصمة الأمريكية مثل طنجرة طهو تحتوى على عناصر متعددة ومختلفة.
الدرس التاريخى الذى لم يتعلمه العرب حتى الآن أنهم يعتقدون أنه إذا كسبنا الرئيس الأمريكى وحده، فإن ذلك يعنى أننا كسبنا وضمنا علاقتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية.
هذه هى أبجديات العلاقة مع الولايات المتحدة، ولكن تصبح المسألة أكثر صعوبةً وتعقيداً إذا تعامَلنا مع رئيس مثل الرئيس دونالد ترامب الذى يتصف حُكمه الآن بالآتى:
1- أنه رئيس ضعيف التأثير على «الكونجرس»، رغم أن حزبه لديه أغلبية مريحة للغاية فى مجلسَى الشيوخ والنواب.
2- أنه رئيس يعانى فضائح سياسية تكاد تعصف به، إلى درجة العزل السياسى، أو -فى أفضل الحالات- سوف يُكمل فترته الرئاسية الأولى فى حالة ضعف سياسى، واحتمالات فوزه فى المدة الرئاسية الثانية ضعيفة للغاية.
3- أنه يعيش حالة من الارتباك والتصادم السياسى مع مؤسسات الدولة الرئيسية، بدءاً من مساعديه فى البيت الأبيض، إلى الخارجية، إلى وكالة الاستخبارات، إلى مكتب التحقيقات الفيدرالى، إلى وزارة العدل.
4- أن علاقته بالإعلام الأمريكى تكاد تكون أسوأ علاقة بين رئيس ووسائل إعلام فى العصر الحديث، إلى حد أنه أصبح صاحب أدنى معدل شعبية لرئيس فى التاريخ الأمريكى قُبيل انقضاء عامه الأول.
هذا كله يدفعنا إلى التوصّل إلى الحقيقة المؤلمة أن «ترامب» هو رئيس لا يمكن الرهان عليه على المدى المتوسط أو البعيد.
وهذا كله يدفعنا إلى الاستعداد للتعامل مع المصالح الأمريكية بشكل مؤسساتى، وعدم الاقتصار على الرهان على رئيس غير مضمون بقاؤه، ولا يمكن التعويل على وعوده.