بقلم : عماد الدين أديب
لو كنت من الحكومة المصرية لقمت بطباعة وتوزيع محاضرة السفير أحمد فاروق، القنصل العام لمصر فى نيويورك، التى ألقاها أمس الأول فى نادى سيدات الحزب الجمهورى. كان عنوان المحاضرة هو «أصول وفلسفة التطرف الدينى فى الشرق الأوسط».
استطاع السفير أحمد فاروق أن يلخص فى أقل من نصف ساعة عرضاً رائعاً لأصول وجذور التطرف فى مصر والمنطقة.
وقسّم المتحدث أفكاره إلى 3 عناصر رئيسية هى: التاريخ، والأيديولوجيا، والاستراتيجية.
واستطاع، من خلال العرض التاريخى المركّز، أن يصنع خيطاً ناظماً بين بعثات محمد على إلى أوروبا وأفكار الخديو إسماعيل العظيم التى أدت إلى بزوغ فجر فكر وإنجازات النهضة للدولة العصرية الجديدة فى مصر.
تلك النهضة التى أدت لظهور أول برلمان، وأول بورصة فى الإسكندرية، وأول جامعة، وأول حركة تحرير للمرأة، وأول ثورة شعبية فى تاريخ مصر.
وجاءت اللمحة الشديدة الذكاء فى عرض السفير أحمد فاروق هى ربط ذلك كله بقيام حركة جماعة الإخوان عام 1928 «كرد فعل» على هذه الإنجازات، واستحضر من كتابات الأستاذ حسن البنا أن هدف قيام الجماعة هو ثلاثة أمور:
1- الوقوف ضد مشروع الدولة العصرية.
2- إحياء دولة الخلافة.
3- تحقيق الهدف رقم «1» والهدف رقم «2» عبر «الجهاد».
وجاء فى استعراض السفير أحمد فاروق الربط بين أفكار الأستاذ سيد قطب والأسس التى قامت عليها كل الجماعات الجهادية والتكفيرية وكل ما نعايشه اليوم بما فيه «القاعدة» و«داعش».
أكثر ما أعجبنى فى محاضرة السفير أحمد فاروق هو أنه من القلائل جداً الذين يفهمون أسلوب مخاطبة العقل الأمريكى، بمعنى أن يعطيه بذكاء المعلومات التى يمكن أن تدفع بعقله إلى القرار الإيجابى، والوقوف بقوة ضد فكر التكفير والإرهاب.
المواطن الأمريكى لا يمكن أن يقتنع بمنطق «افعل ولا تفعل»، لكنه يحب أن يسمع ويفهم وأن يقتنع بالحقائق والمعلومات المجرّدة.
متى نتعلم كيفية مخاطبة الغرب؟
أرجوكم ارجعوا إلى محاضرة السفير أحمد فاروق.