أيهما أفضل لمصالح العرب: «ترامب» أم «بايدن»؟ الحزب الجمهورى أم الحزب الديمقراطى فى الفوز بمقعد الرئاسة والأغلبية فى مجلسى الشيوخ والنواب؟
إجابتى الصادمة أن العرب المعتدلين سوف يتم بيعهم سواء فاز «ترامب» أو «بايدن».
فى الحالتين هناك ضرر ضد الأمن القومى العربى، ولكن يمكن القول إنه فى حالة فوز «بايدن» والديمقراطيين فإن الضرر أعظم وأفدح وأسرع!
لماذا نقول ذلك؟
تعالوا نقارن بين موقفى كل من «ترامب» و«بايدن».
فى حالة فوز «ترامب» فإنه لا بد من التأكيد على 4 أمور:
1- أن «ترامب» يفوز بالفترة الثانية والأخيرة لرئاسته، لذلك لن يكون بحاجة إلى بناء تحالفات بقدر ما سيكون بحاجة إلى «إطفاء مشاكل» و«تصفير أزمات» والظهور تاريخياً على أنه الرئيس الذى جاء بالحلول وليس الذى يؤجلها.
2- أن «ترامب» لديه 3 اتفاقات معلقة لم تحسم بعد من الفترة الرئاسية الأولى مع «الإيرانى نووياً» و«الصينى تجارياً» و«الكورى الشمالى (أمنياً)».
3- أن الرجل الذى بنى مجده السياسى وجوهر قوته الشعبية على النجاح الاقتصادى وانتعاش الأسواق المحلية، أصبح أول ضحايا فيروس كورونا سياسياً، وتلك مسألة بالغة الأهمية.
4- أن «ترامب» الذى باع الأفغان لصالح «طالبان»، وباع الأكراد لصالح الأتراك، وباع العراق كلها لصالح إيران، وباع «82 تصويتاً دولياً أمريكياً لصالح فلسطين» لصالح «نتنياهو» والليكود و«الإيباك» قادر على أن يبيع أى حكم أو حاكم فى المنطقة بأى ثمن.
من ناحية أخرى علينا أن نتأمل ماذا سيحدث لو فاز «بايدن»؟
فى هذا الاحتمال يمكن رصد الآتى:
1- أن «بايدن» هو سياسى محنّك دخل عالم السياسة منذ أن مثّل مسقط رأسه، ولاية «ديلاوير» عام 1972، وأعيد انتخابه 6 مرات، وهو سادس أصغر سيناتور انتخب فى تاريخ مجلس الشيوخ، وهو متخصص فى الشئون الخارجية، حيث إنه كان عضواً قديماً فى لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس لسنوات طويلة حتى ترأسها.
2- أن مواقف «بايدن» الرسمية فى التصريحات أو اتجاهات التصويت فى مجلس الشيوخ تؤكد الآتى:
- يؤمن «بايدن» بالاتفاق النووى مع إيران، وكان من كبار المؤيدين والداعمين له حينما كان نائباً للرئيس أوباما.
- ويرى «بايدن» عدم التصعيد مع إيران الآن أو مستقبلاً مع استمرار العقوبات واتباع القنوات الدبلوماسية «فقط» فى تناول هذا الملف.
- يعارض «بايدن» اعتبار الحرس الثورى منظمة إرهابية، وهو من دعاة تقسيم العراق إلى 3 فيدراليات (سنية - شيعية - كردية).
- يدعم «بايدن» إسرائيل بغير حدود، ويعتبر صفقة القرن فرصة ذهبية نادرة لا بد من الاستفادة منها.
3- خبرة «بايدن» كنائب انتخب 6 مرات، ورأس لجنة الشئون الخارجية، وعمل نائباً لـ«أوباما»، كلها متأثرة بالمواقف الانعزالية لإدارتى أوباما اللتين خدم فيهما.
4- يتوقع أن يعيد «بايدن»، فى حال فوزه، سياسات الديمقراطيين فى عهدى «أوباما» التى حاول «ترامب» محوها بكل ما أوتى من قوة فى فترة رئاسته الأولى، وبالذات فى موضوع ملف التأمين الصحى «أوباما كير» الذى فرض نفسه الآن بقوة عقب فيروس كورونا.
كل من «بايدن» و«ترامب» يحمل إرثاً ثقيلاً من الملفات السابقة والالتزامات التى تعرض نفسها بقوة عليه وعلى حزبه.
أزمة «ترامب» الكبرى هى أنه لا يتحمل هو وأسرته فضائح جديدة بعدما أفلت بأعجوبة من طرح محاكمته بهدف العزل فى مجلس الشيوخ.
وأزمة «ترامب» العظمى اليوم، وعند كتابة هذه السطور، هى إخفاق نظامه الإدارى فى التعامل المبكر مع أزمة فيروس كورونا.
وقال لى دبلوماسى عربى مخضرم ورفيع المستوى الدبلوماسى إن «ترامب» يعانى الآن من ذات مصير الرئيس الأمريكى الجمهورى ميربرت هوفر الذى أطاحت به أزمة اقتصادية تأثرت أيضاً بحالة كارثة طبيعية كاسحة بسبب مناخ الصقيع!
دفع «هوفر» ثمن سوء إدارته للأزمة الاقتصادية الكبرى التى اجتاحت الاقتصاد الأمريكى عام 1929.
فى تلك الفترة أدى الكساد الاقتصادى إلى عجز الدولة عن توفير السيولة لمواجهة الطلب المتعاظم فى الأسواق.
انخفض الناتج العام المحلى لأدنى مستوى له فى التاريخ بنسبة -26٪ بالسالب أى تحت الصفر!
وحدثت أكبر أزمة بطالة للعمال فى التاريخ المعاصر.
وجاء الحل من قبَل المنافس الديمقراطى فرانكلين روزفلت فيما عُرف بـ«الصفقة الجديدة» لإنعاش الاقتصاد.
وهكذا خسر الرئيس رقم 31 للولايات المتحدة مقعده لمنافسه الديمقراطى روزفلت.
ويسرد خبراء التاريخ الأمريكى المعاصر أن ملف الرؤساء الخمسين الذين حكموا فى البيت الأبيض يشمل 3 رؤساء اتسموا بعدم الخبرة وهم الرؤساء (تافت - هوفر - وآخرهم دونالد ترامب).
أنصار الحزب الديمقراطى من العرب والشرق الأوسط، وهم تركيا وقطر وإيران والسودان وتونس و«حماس» والأكراد، يرون أن «بايدن» سوف يفوز ليس لأنه الأفضل ولكن لأن «ترامب» هو الأسوأ فى الأداء، كما ظهر فى إدارة ملف «كورونا».
أنصار الحزب الجمهورى فى المنطقة، وهم: اليونان وقبرص ومصر والإمارات والسعودية والأردن والمغرب و«حفتر»، يرون أن رصيد «ترامب» فى الفترة الرئاسية الأولى سوف يدعمه فى الفوز، خاصة فى مجال الاقتصاد وانتعاش الأسواق، وأن تداعيات أزمة «كورونا» سيتم التعامل معها أمريكياً قبل نوفمبر المقبل بنجاح وكفاءة.
وحدها إسرائيل التى لا تتابع بأى نوع من القلق معركة الرئاسة الأمريكية لأنها تدرك أن الفائز، سواء «ترامب» أو «بايدن»، سوف يعطى «تل أبيب» شيكاً على بياض! أما نحن فعلينا أن نقلق من أى فائز!