هناك فارق جوهرى بين «قيمة» الشىء، و«سعره»!
القيمة لا سعر لها، أما السعر فهو مسألة تقديرية تخضع لعوامل كثيرة لها علاقة بالعرض والطلب، والندرة والوفرة، وقدر الحاجة وحجم الاكتفاء.
كلما زاد الاحتياج رخص السعر، وكلما زادت المبادئ زادت القيم!
للأسف الشديد نحن فى عصر تعتقد فيه الأغلبية من البشر، وتروج وسائل الإعلام وتشيع الدراما والأفلام تلك المقولة الرخيصة: «كل إنسان قابل للشراء لأن لكل إنسان سعراً!».
البعض قرروا أن كل شىء لديهم قابل للبيع أو للاستئجار: أفكارهم، مبادئهم، وظائفهم، علمهم، أجسادهم، وضمائرهم.
هذا الطريق يبدأ بأقل تنازل وينتهى إلى بيع الأوطان والأديان.وما نعايشه هذه الأيام هو حالة غير مسبوقة من الضغوط التاريخية التى تعتبر كاشفة وفاضحة تماماً لمدى التماسك النفسى والمعيار القيمى الذى يمتلكه بعض الناس، وبعض الطبقات، وبعض الأقلام، وبعض الأحزاب، وبعض الأنظمة، وبعض الدول.
اختبار الكورونا هو الامتحان التاريخى الأعظم الذى مرت به البشرية منذ الحرب العالمية الثانية وضرب هيروشيما وناجازاكى بالقنبلة النووية.
هذا الامتحان العسير سوف يوضح لنا مدى كفاءة بعض الحكومات والحكام.
وتصبح أحكام القيم هى التى تحدد معايير القيمة.
ومن النصائح القيمة التى يقدمها أصحاب العلم والفلاسفة منذ جمهورية أثينا القديمة حتى الآن، هى أنه حتى يستطيع الإنسان، أى إنسان، فهم أحداث اليوم، صغرت أو كبرت، عليه تفكيك المفاهيم والعودة إلى الأسس والأبجديات الحاكمة.
من هنا لا بد أن نعود إلى تعريف الأشياء، مثلاً: تعريف «السعر» علمياً هو المبلغ الذى يأتى عبر تسعير المنتج أو الخدمة أو الراتب أو المكافأة.
أما «القيمة» فهى «الميزة أو الخاصية التى بتوافرها يصبح للشىء أو الفرد مكانته».
هذا الامتحان العسير هو أيضاً اختبار إنسانى لأخلاقيات بعض شرائح المجتمع ومدى التزام الفرد إزاء مصالح المجموع.
هذا الامتحان العسير اختبار لشرائح من رجال الأعمال والتجار وأصحاب المصالح، وهو كاشف للإجابة عن سؤال عظيم: أيهما أهم عندهم؛ جلب المال فى زمن الأزمة أم مساندة الوطن فى ظروفه الدقيقة؟ أيهما أهم؛ رصيد المال فى البنك أم رصيد خدمة الوطن والناس؟
فى زمن الأزمة تظهر حقيقة أخلاقيات البعض، وتظهر معادن الرجال.
فى زمن الأزمة عليك أن تختار أن تتاجر بالأزمة أم تقف فى مواجهتها.
فى زمن الأزمة عليك أن تختار إما أن يكون لك «قيمة» أو أن يكون لك «سعر»!