عام 2020 هو أصعب أعوام العرب وأكثرها تحديات ومواجهات. خطورة العام تنبع من كون هذا العالم يعيش حالة من السيولة والانفلات والخلل فى التوازنات. إنه كما يقول رئيس الوزراء الصينى الأسبق شواين لاى «عالم تحالفات جديدة، وعالم انقسامات جديدة، جميعها سوف تُحدث فوضى واضطراباً فى كل مكان».
الرئيس الأمريكى منشغل بانتخاباته الرئاسية، ومجلس النواب سوف يجدد كل أعضائه البالغين 435 عضواً، ومجلس الشيوخ سوف يجدد انتخاب «35» عضواً، وحكام الولايات سوف يتم تجديد 13 حاكماً منهم. الرئيس الروسى منشغل بالحصول على ثمن فاتورة سوريا وأوكرانيا، وبنتائج التحالف مع الصين، وكيفية البحث عن جائزة أو مخرج من التنسيق الثلاثى مع الإيرانيين والأتراك.
أوروبا تحتضر كدولة اتحاد، ومغادرة بريطانيا لها أصبحت مؤكدة، وحكم بوريس جونسون دعمته نتائج الانتخابات، وأنجيلا ميركل إلى رحيل. أوروبا مهددة بابتزاز أردوغان بإطلاق المهاجرين من سوريا وتركيا وليبيا، ومهددة بالتالى بزيادة نفوذ وشعبية اليمين المتطرف فى أى حكومات مقبلة.
الصين تسعى للحفاظ بالدرجة الأولى على معدل نموها ومشروعها لطريق الحرير والمواجهة الذكية لعقوبات ترامب التجارية.وتستمر الصين فى تحمل رياح التظاهرات فى هونج كونج، مع عدم التوقف عن تفعيل قواتها وأبحاثها العسكرية وتدعيم سلاحها البحرى، ودعم الاستثمارات فى أفريقيا.
تصبح إيران على احتمال الانفجار أكثر من أى وقت مضى، إما أن تنفجر إلى الداخل فتزداد المواجهات الدموية بين الحرس الثورى والشارع، أو تنفجر إلى الخارج فيتم تحريك الامتدادات الإيرانية فى العراق ولبنان واليمن.شعور المحاربين فى اليمن بالإنهاك سوف يؤدى إلى شبه استقرار فى شكل الخريطة السياسية، واستمرار الأعمال العسكرية لتحسين المراكز مع زيادة محلوظة فى تدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية.
2020 هو أصعب أعوام رجب طيب أردوغان فى السلطة، وهو معرَّض بقوة إذا فشل فى «غزوة طرابلس» إلى أن يتعرض حزبه إلى الدعوة إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة قبل موعدها المحدد لها عام 2023.سوف تزداد انقسامات ومشاغبات وتوترات رجب طيب أردوغان مع القوى الكبرى خاصة دول الاتحاد الأوروبى التى سترى فى سياسته شرق البحر المتوسط تهديداً لمصالحها خاصة شركات «إينى» و«توتال» و«شل».ويتعين مراقبة موقف الحكومة الإسرائيلية من سياسات أردوغان البحرية التى تهدد أوضاعاً كانت قد استقرت وتم ترسيمها لثروة إسرائيل فى غاز شرق المتوسط.
عام 2020 هو عام إنجاز مصر للكثير من مشروعات الإصلاح الاقتصادى التى يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسى، لذلك من المتوقع الحفاظ على معدل تنمية لا يقل عن 6٪ سنوياً مع ارتفاع متوقع فى الدخل السياحى وتحويلات المصريين وتحسن مركز الجنيه المصرى مقابل الدولار الأمريكى.كل ذلك له ارتباط بشكل تطور الصراع المقبل قبالة سواحل شرق المتوسط وعلى الحدود القريبة.
ويُتوقع أن تكون إدارة مصر الاستراتيجية للاحتلال التركى لطرابلس تعبيراً قوياً عن التطور العظيم الذى طرأ على قوة القوات المسلحة المصرية وقدرتها على تحقيق سياسة الردع الاستراتيجى بشكل حاسم وعصرى.تشهد السعودية نجاحات كبرى فى الأداء الاقتصادى عقب النتائج المبهرة لطرح أسهم «أرامكو»، وسوف تزداد شهية الاستثمارات الأجنبية فى المشاركة فى برامج الإصلاح الاقتصادى السعودى التى تطرحها رؤية 2030 الاقتصادية.
يُتوقع طرح عدة مشروعات عملاقة جديدة مثل مشروع جزر البحر الأحمر المعروف باسم «آمالا»، كما يبدأ توظيف عائدات أرامكو فى 4 مشروعات عملاقة داخل البلاد. يستمر ولى العهد السعودى فى دفع مشروعه الإصلاحى الشامل، وتظهر داخل المجتمع السعودى آثار إيجابية لبعض الإصلاحات السياسية والاجتماعية فى مجال دفع الشباب وتمكين المرأة والحريات العامة.
تتوجه كل جهود السعودية إلى إنجاح فعاليات قمة دول العشرين المنعقدة على أراضيها والتى تُعتبر الأولى من نوعها التى تنعقد على أرض دولة عربية بعد أن تسلمت المملكة رئاستها فى ديسمبر 2019.تنعقد القمة فى الفترة من 21 إلى 22 نوفمبر من هذا العام بالرياض ولكن تستمر فعالياتها ولجانها وأنشطتها لشهور طويلة.
وتعمل الرياض منذ تسلمها الرئاسة ليل نهار لعقد قمة أسطورية تليق بالمملكة.الاصطدام حتمى فى لبنان بين الشارع وسلطة الحكم.إمكانية التوصل إلى صيغة تُرضى الطرفين تكاد تكون شبه مستحيلة.احتمالات المواجهات الدموية تزداد كل يوم مع تدهور الوضع المالى، ونفاد صبر الجماهير وفشل محاولات السلطة اختراق حركة الشارع أو تقديم صيغة مرضية.
تنجح الإمارات العربية فى مشروعها التحديثى، ويتم الإعلان قريباً عن طرح عدة مشروعات كبرى للاكتتاب العام، ويزداد ظهور الدور الإقليمى لأبوظبى بالذات فى مواجهة الجنون العسكرى التركى، وتشهد الإمارات مركز الصدارة والاهتمام العالمى بانطلاق معرض إكسبو 2020 بمدينة دبى الذى يُنتظر أن يبهر العالم بتحضيراته.
هذا العام هو عام الميليشيات المتطرفة، حيث سوف يظهر تزايد لدور قوات الحشد الشعبى على حساب الجيش فى العراق، وانتقال قوات داعش وجبهة النصرة بواسطة تسهيلات تركية إلى ليبيا، وزيادة مصادمات حماس والجهاد الإسلامى مع الجيش الإسرائيلى، ويُتوقع أيضاً قيام تركيا بتغذية جماعات جديدة فى سوريا بتمويل قطرى.كان بؤدى أن أرسم لكم صورة أكثر وردية.. لكن هذا ما تنبئ به وقائع الأحداث.