مرت منذ أيام الذكرى رقم 15 لجريمة 11 سبتمبر 2001 التى قامت فيها قوى تنظيم القاعدة بالهجوم بطائرات مدنية على أهداف فى نيويورك وواشنطن.
وسوف يظل هذا الهجوم هو أول هجوم على الأراضى الأمريكية منذ هجوم الطائرات اليابانية على قاعدة «بيرل هاربر» العسكرية أثناء الحرب العالمية الثانية.
وسوف يستقر فى الوعى الأمريكى نتيجة أحداث سبتمبر 3 أمور تاريخية لا يمكن نسيانها أو محوها:
أولاً: إن هذا الهجوم فيه تحطيم لنظرية السيادة والتفوق العسكرى الأمريكى لأقوى دولة فى العالم، صاحبة أكبر ميزانية دفاعية تتعدى نصف تريليون دولار سنوياً.
ثانياً: إن العدو الذى قام بهذه الجريمة جاء من العالم العربى للتعبير عن حالة من التطرف الإسلامى السنى.
ثالثاً: إن الخسائر المالية لهذا الهجوم المباشرة وغير المباشرة بلغت 700 مليار دولار إذا حسبنا خسائر أسواق المال الأمريكية واهتزاز الثقة مؤقتاً فى سلامة الاقتصاد الأمريكى.
وما زال الجرح النازف لفقدان 3331 عائلة لذويهم ومطالبتهم المتكررة بتعويضات مالية.
ومنذ أيام وفى إجماع نادر وافق الكونجرس الأمريكى على أحقية أهالى الضحايا فى استخدام حقهم فى اللجوء للقضاء لمطالبة الدول والجهات المسئولة عن الجريمة بتعويضات مالية.
وفى ذكرى الحدث عرضت كل من قناة «السى. إن. إن» و«قناة التاريخ» برنامجين وثائقيين يرويان بالتفصيل ما حدث فى ذلك اليوم، وكشفا عن أسرار تروى لأول مرة رواها جميع أبطال الحدث بدءاً من الرئيس السابق جورج. دبليو بوش إلى أصغر جندى فى شرطة مطافئ مانهاتن.
وبدا فى هذه الأعمال، أنه بالرغم من مرور 15 عاماً على هذا الحدث، أن الذكرى المؤلمة والجروح العميقة ما زالت تفرض نفسها على عقلية ونفسية الإدارة الأمريكية والشعب الأمريكى.
ومنذ ذلك التاريخ وسمعة الإسلام كدين وسمعة المسلمين كأصحاب ديانة يشوبهما قدر هائل من سوء السمعة.
هذا الحدث إذا أضيف إليه ما يحدث من تنظيم «داعش» والمتعاطفين معه فى جميع بقاع العالم يضع «الإسلام السنى» كمصدر الخطر الأول فى هذا العصر.
ويتضح ذلك بقوة فى المقابلة الصحفية المطولة التى أجراها الرئيس باراك أوباما لمجلة «أتلانتيك» التى أكد فيها صراحة أن الخطر يأتى من السعودية التى تعبر عن «الإسلام السنى» فى العالم.
ولا يمكن تفسير سعى إدارة أوباما إلى عقد الاتفاق النووى مع إيران والقبول بها فى المنطقة والتغاضى عن انتشارها فى العراق وسوريا ولبنان واليمن وبعض الدول الأفريقية إلا أنه قبول بدور الإسلام الشيعى سياسياً.
من هنا لا بد من الالتفات أن واشنطن ترى أيضاً أن جماعة الإخوان هى بديل آخر يضاف لإيران يمكن أن يكون أفضل ممثل للتعاون الإسلامى.
هذه حقيقة لا يمكن أن نتغاضى عنها، ونحن نحاول فهم طبيعة علاقة واشنطن بتنظيم جماعة الإخوان وحرصهم على العودة سريعاً إلى مسرح الأحداث فى مصر والعالم.