عماد الدين أديب
فكرة قوة الذراع» فى خلق الأمر الواقع ليست على مستوى البلطجية (الشبيحة) أو الأنظمة القمعية فى عالمنا العربى، لكنها أيضاً حالة عالمية فى زمن تصبح فيه القوة فوق القانون وليس العكس!
نظرة واحدة للمنطقة والعالم كافية بأن نفهم ونؤمن بأن منطق «كله بدراعه» هو السائد فى هذا الزمن الصعب.
إسرائيل هى أول من آمن بأن القوة العسكرية الغاشمة هى الأساس، وليذهب المجتمع الدولى ومنظماته العالمية إلى الجحيم.
لذلك احتلت إسرائيل الأرض وتوسعت وبنت المستوطنات وغزت لبنان حتى وصلت إلى بيروت، واستخدمت كل الأسلحة المحرمة، وأفرطت فى استخدام القوة ولم تبالِ بأى قوى إقليمية أو دولية.
نفس الشىء مارسته الولايات المتحدة فى الحرب العالمية الثانية، ثم فى استخدام القنبلة النووية ثم فى حرب كمبوديا وكوريا وفيتنام وأفغانستان، وأخيراً العراق.
وقام السلاح الجوى الأمريكى بعمليات فوق لبنان والعراق والبوسنة والهرسك وليبيا، وهدد مصر عام 1973 بحرب نووية وهدد سوريا بضربة جوية فى نهاية العام الماضى.
وها هى روسيا الاتحادية الآن، بعد أن أصبحت ثالث أكبر دولة فى الاحتياطات النقدية فى العالم وأحد أكبر مخازن الغاز فى المستقبل وأحد أكبر باعة القمح والسلاح والحديد على مستوى الأسواق العالمية، تدخل فى صراع مكشوف ومفتوح ضد سياسات الغرب الأمريكى والأوروبى معاً.
ولأن «بوتين» يشعر بالقوة؛ فقد قام بأسرع عملية احتلال وحصار واستفتاء ثم ضم لأراضٍ فى التاريخ المعاصر.
حققت روسيا أسرع أمر واقع بما فعلته فى شبه جزيرة القرم، وخلقت حالة واقعية على الأرض وقانونية فى البرلمان ودولية فى العالم لوضعية القرم.
ولم يعد أمام الأمريكيين والأوروبيين سوى التنديد والصراخ والتهديد بالعقوبات التافهة التى لن تقدم أو تؤخر فى الأمر الواقع الذى نشأ.
الدرس المستفاد هو: اخلق أمرا واقعا ودافع عنه وحافظ عليه ولا تبالِ بما سيقول العالم!
الأقوياء وحدهم هم الذين يخلقون وضعاً قانونياً جديداً لواقعهم ومستقبلهم!
فى حالتنا المصرية، ما زلنا نحاول إقناع الناس بأن ما حدث فى 30 يونيو كان ثورة شعبية ولم يكن انقلاباً!
وما زلنا نخشى كلام البيت الأبيض و«الخارجية» الأمريكية ومنظمات حقوق الإنسان التى لم تذكر كلمة واحدة عما تفعله إسرائيل أو القاعدة أو نظام «المالكى» فى العراق!!