عماد الدين أديب
الثورات تُخرج من بعض الشعوب أفضل ما فيها من سلوكيات ومعانٍ وقيم، وهى أيضاً تحدث الأثر العكسى، بمعنى أنها تؤدى إلى ظهور أسوأ ما فى الناس.
فى ثورة يناير شاهدنا سلوك «ورد الجناين اللى فتح فى شوارع مصر»، هؤلاء النبلاء الذين حموا الشوارع والميادين وقبيل رحيلهم قاموا بطلاء الأرصفة، وزرع الورد وتنظيف الميادين التى تظاهروا فيها.
عاد هؤلاء إلى بيوتهم غير طامعين فى منصب أو زعامة أو شهرة إعلامية.
البعض -للأسف الشديد- اعتبر أن الثورة «سبوبة»، أى وسيلة للارتزاق وركوب الموجة والتسلق إلى مقاعد السلطة الأمامية.
البعض للأسف الشديد، تاجر فى دماء الشهداء، وأراد اختطاف الثورة لمصالح شخصية أو سرقة نتائجها لصالح قوى أو جماعات حزبية.
البعض فهم أن ثورة الشعب تعنى فوضى الناس، بحيث يعتصم الناس دون وجه حق، ولديهم الحق الكامل فى تعطيل المرافق العامة وإيقاف المترو وتعطيل العمل فى الشركات والهيئات العامة والخاصة بهدف ابتزاز الحكومة ورجال الأعمال.
ما زلنا نعيش حالة من الفكر «الماضوى» ونطرح الأسئلة حول إذا ما كان الأستاذ حسن البنا عميلاً للسفارة البريطانية أو عن مسئولية الرئيس جمال عبدالناصر عن هزيمة 67، وهل كانت زيارة الرئيس أنور السادات إلى القدس مؤامرة خيانة، وعن حقيقة رغبة الرئيس حسنى مبارك فى توريث نجله، وعن علاقة المجلس العسكرى بجماعة الإخوان، وعن علاقة الرئيس محمد مرسى بتنظيم القاعدة، وعما إذا كان ما حدث فى 30 يونيو ثورة أم انقلاب!!
نحن أسرى العودة إلى الماضى بشكل لا يجعل لدينا أى قدرة على التقدم خطوة واحدة نحو الأمام.
نطرح أسئلة لن يحسمها إنسان، وقابلة للجدل والخلاف حتى قيام الساعة مما يستغرقنا تماماً بشكل يعيق أى حركة لدخول المستقبل.
متى نخرج من أرشيف الملفات ونتصدى بشكل علمى وعملى لمشاكل وقضايا وأحلام اليوم والغد القريب؟
للأسف نحن تحولنا إلى أمة «فلاش باك»!