عماد الدين أديب
البرلمان المقبل هو برلمان اختيارات فردية حتى لو كان فيه نظام القوائم!
ما أقصده أننا لسنا أمام أفكار وبرامج حزبية مطروحة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً على جماهير الشعب يستطيع أن يختار بينها.
نحن لسنا أمام صراع حزبى بين قوى متعددة ذات برامج متبلورة وواضحة.
نحن لسنا أمام حزب واضح للرئيس أو للحكومة. ونحن أيضاً لسنا أمام قوى معارضة ذات برامج شعبية تدخل بها معركة الانتخابات البرلمانية.
نحن أمام مجموعات من أصحاب المصالح القديمة الجديدة، ومن العائلات التقليدية التاريخية التى ورثت منذ العهد الملكى مسألة التمثيل النيابى عن مسقط رأسهم. هذه انتخابات بقايا البقايا، أى بقايا من بقى على قيد الحياة من العائلات التاريخية فى دوائر المدن الكبرى وبحرى والصعيد.
وهذه انتخابات بقايا البقايا ممن بقى من فلول عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك الذين عاصروا انتخابات برلمانية متعددة منذ عام 1981 إلى عام 2010.
وهذه انتخابات بقايا البقايا ممن بقى من جماعة الإخوان المسلمين ممن لم يدخلوا السجن على ذمة قضايا أو يهربوا خارج البلاد أو يعتزلوا العمل السياسى.
نحن أمام أفراد يترشحون من خلفيات الأسرة، الجماعة، الفلول.
إذا صح ذلك، فإن السؤال الكبير الذى يطرح نفسه علينا ويدق رؤوسنا وضمائرنا ليل نهار هذه الأيام هو: أى برلمان نتوقع؟
إنه برلمان «كوكتيل» من أصحاب المصالح المختلفة تجمعهم بالدرجة الأولى الرغبة الجامحة فى المشاركة فى صناعة القرار.
لن أرتكب خطيئة التفتيش عن نواياهم، ولكن الشىء الذى أستطيع أن أجزم به هو أن البرلمان المقبل لن يكون هو البرلمان الذى يليق بشعب قام بثورتين، وأنهى نظامين فى أقل من 4 سنوات. هذا البرلمان لن يكون برلمان الذين ثاروا، لكنه سيكون برلمان الذين تمت الثورة عليهم. وبالتالى إذا صح ما سبق فنحن سوف نتعامل مع قوى متنافرة متخاصمة غير ثورية وغير إبداعية.
سيكون البرلمان المقبل هو برلمان تصريف أعمال بالدرجة الأولى، ولكن سوف يخضع لاختبار خطير هو تجربة صلاحياته الدستورية التى جاءت فى الدستور الأخير.
لأول مرة سوف يكون للبرلمان صلاحيات السلطة التنفيذية ممثلة فى الرئيس أو فى الحكومة.
إنه برلمان التجربة الديمقراطية كما هو مكتوب فى الدستور، لكنه بلا قوى فاهمة لهذا الواقع كما هو فى المتوقع! صلاحياته ديمقراطية بلا ديمقراطيين!
وما زالت الأيام المقبلة كاشفة لكوارث جديدة فى خطايا النخبة السياسية التى تعد نفسها لشهر مارس المقبل.