عماد الدين أديب
يعتقد كثير من أساتذة التاريخ المعاصر أن رئيس وزراء بريطانيا الأسبق «تشمبرلين» كان السبب الرئيسى لنشوء ظاهرة جنون القوة عند أدولف هتلر!
ويرجح هؤلاء السبب إلى أن تشمبرلين الذى كان -دائماً- يؤثر سياسة الاحتواء والمسالمة ويتجنب دائماً سياسة التشدد والمواجهة بأى ثمن وقع اتفاقاً هزيلاً مع هتلر أدى إلى شعور الأخير بحالة من الاستقواء والرغبة الجامحة فى السيطرة.وها هو التاريخ يعيد نفسه ويتكرر ذات الاتفاق الهزيل بين تشمبرلين وهتلر فى هيئة اتفاق إيران النووى مع القوى العظمى فى العالم.
وقعت كبريات دول العالم اتفاقاً يقلل ويبطئ من عمليات التخصيب النووى الإيرانى ولا يمنعها مقابل إعادة ١٢٠ مليار دولار لطهران!
والمذهل الذى لم يتوقف أمامه أحد هو أنه حتى لو التزمت إيران حرفياً بكل ما جاء فى الـ٨٥ مادة التى وقعت، فإنها بهذا الاتفاق وليس بغيره سوف يتوفر لها عقب مدة الاتفاق وهى عشر سنوات أن تنتج قنبلة ذرية فى العام الحادى عشر!! لقد باعت إيران «الهواء» للقوى الكبرى عقب ٢٦ شهراً من المفاوضات المضنية!
والخطأ الجوهرى فى منطق إدارة أوباما هو أنهم يعتقدون أن رفع الحظر المالى والتجارى عن إيران سوف يؤدى إلى انتعاش الاقتصاد الكلى الإيرانى وبالتالى سوف يدفع إلى الإصلاحات السياسية والتوجه نحو الديمقراطية!
والذى لم تدركه الإدارة الأمريكية أن حكم رجال الدين الاستبدادى سوف يلتهم هذه الأموال ويوظفها فى مشروعات سياسية خارجية فى أماكن التوتر، مثل لبنان وسوريا واليمن والعراق وباب المندب وأفريقيا وباكستان.
والذى لم تدركه أن حكم رجال الدين فى طهران وهو الذى يعلو حكم الخبراء والاقتصاديين والمدنيين كان ينفق بجنون على كل مشروعات التشدد والإرهاب فى المنطقة، بينما كان الاقتصاد الإيرانى يعيش أسوأ أيامه فى ظل مقاطعة دولية غير مسبوقة، لذلك يصبح السؤال إذا كانوا يفعلون ذلك فى ظل المقاطعة فماذا سيفعلون بالأموال فى ظل توفرها؟!
المذهل أن الاتفاق النووى لا يوجد فيه بند واحد ولا إشارة من قريب أو بعيد عن سلوك إيران كدولة فى المنطقة أو سياستها المتبعة تجاه جيرانها!
وكأنك قلت لإيران خذوا ١٢٠ ملياراً وافعلوا بها ما شئتم!