عماد الدين أديب
ماذا حدث بالضبط فى المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية؟
سؤال بالغ الأهمية، وأعتقد أنه يستحق الدراسة المتأنية والبحث العلمى الموضوعى الشفاف من أجل الوصول إلى إجابة تحترم عقولنا وضمائرنا.
أجريت الانتخابات فى 14 محافظة، كى يختار الناس من يمثلهم من بين 105 أحزاب رسمية وآلاف الأفراد المستقلين.
أجريت الانتخابات فى ظل تراث متراكم منذ عام 1952 يكرّس فكرة متراكمة؛ أن الدولة لها حزبها، وأن هذا الحزب يجب أن يحظى بدعم كل أجهزة النظام كى يفوز بنصيب الأسد.
أجريت هذه الانتخابات فى ظل موروث تاريخى من التدخل الحكومى والتزوير والتلاعب بالأصوات والمال السياسى.
ولكن الحقيقة أن الواقع اختلف تماماً - هذه المرة - عما سبق.
فهذه الانتخابات لا تدخّل من الدولة ولا تزوير فى ظل حماية الجيش والشرطة ومراقبة المجتمع المدنى ومتابعة الإعلام.
هذه الانتخابات -وهذا هو الأهم- تمت لأول مرة بلا مشاركة من حزب حاكم يمثل الدولة.
هذه الانتخابات أجريت - لأول مرة أيضاً- بلا مشاركة لنواب جماعة الإخوان المسلمين.
وهذه الانتخابات تتم بشكل تنافسى بين 105 أحزاب على أساس لا يستند على برامج واضحة ومختلفة.
إذن نحن واجهنا الانتخابات بلا حزب حاكم وبلا معارضة حقيقية، وبلا برامج حزبية تنافسية.
لا يوجد حزب حاكم يعبئ أجهزته وكوادره، ولا توجد معارضة تجند أنصارها، ولا توجد قضايا حقيقية تحرك فكر الناس.
أجرينا هذه الانتخابات وهناك إحباط شباب ثورتين يشعرون بأن لا مكان لهم فى قوائم الأحزاب، ولا فى خطط الدولة لبناء المستقبل.
إذا كانت كل هذه العناصر غير متوفرة، وكل هذه القوى غير حاضرة فلماذا - بالله عليكم - فوجئنا جميعاً بانخفاض الإقبال على الذهاب إلى اللجان فى أول 48 ساعة؟!
إنها مقدمات واضحة أدت إلى نتائج منطقية.
النزول إلى لجان الانتخابات يأتى نتيجة تعبئة فكرية أو موقف سياسى أو التزام حزبى أو انحياز لبرامج.
كل ذلك لم يكن موجوداً!