عماد الدين أديب
الدرس الأول المستفاد من التاريخ السياسى للدول هو أن النخبة السياسية تسقط أولاً فيؤدى ذلك بالتالى إلى سقوط النظام السياسى.
لم يسقط أى نظام فى التاريخ دون أن تسبقه علامات سقوط النخبة الحاكمة.
ويبقى السؤال التاريخى: لماذا تسقط النخبة؟
تسقط النخب لأنها فى مرحلة ما تبتعد تماماً عن التعبير الحقيقى عن واقع جماهيرها وشعوبها.
تسقط النخب حينما تكون أولوياتها مغايرة تماماً لأولويات واحتياجات شعوبها.
تسقط النخب حينما يكون الحُكم والحَكم هو الهدف الأول والأخير لدى هذه النخب.
أما الأنظمة التى سادت ولزمن طويل فهى التى نجحت على مر العصور والعقود فى أن تكون معبرة بحق عن آمال وتطلعات وأحلام جماهيرها من البسطاء.
لم ينجح أى نظام فئوى أو أقلوى فى سيادة أى نظام سياسى إلا بالحديد والنار وبفاتورة باهظة من الدماء.
وحتى تلك الأنظمة التى حكمت بالدبابة والمدفع والمعتقلات وبالأنظمة القمعية، فإن شعوبها تنفجر فى وجه جلاديها طال الزمن أو قصر.
قد يستكين الناس ويصبروا على ابتلاء حكامهم قدراً من الزمن لكنهم يخرجون على هذا الحاكم شاهرين سيوفهم، مطالبين بعزله.
أزمة النخبة السياسية فى مصر والعالم العربى أنها تفتقر إلى حسن التقدير، وتبتعد تماماً عن فهم قانون الفعل ورد الفعل لدى الملايين من البسطاء.
أزمة تلك النخبة أنها بتعالٍ شديد وغرور عظيم تعتقد أن «أجندتها» السياسية هى بالضرورة أجندة الكادحين والبسطاء والمهمشين فى المجتمع.
وأذكر أن للدكتور حسن حنفى عبارة بليغة فى هذا المجال حينما قال: «إن أزمة النخبة فى العالم العربى أنها كلما أرادت التعبير نظرت إلى أعلى السلطة، بينما كان يتعين عليها دائماً أن تنظر إلى قاع المجتمع»!