ما أصعب الخيارات المحدودة التى تحكم اختيارات الإنسان العربى!
عادة تكون المفاضلة بين الخير والشر، أو بين الموت والحياة، لكن حالنا شاذ ومذهل لأنه يضع الإنسان فى خيار بين شر عظيم أو شر أقل، وبين موت وموت آخر!
إننا أمام من يطرحون علينا خيار أن يتم إعدامنا بالكرسى الكهربائى أو شنقاً!
إننا أمام حالة من لا يملك سوى أن يختار أن ينتحر بالبنزين أو بالسولار!
ما أبأس تلك الخيارات التى تدور وتتمحور حول سيئ وأسوأ.
فى سوريا علينا أن نفاضل بين استبداد الأسد أو جنون الإرهاب التكفيرى.
وفى المنطقة علينا أن نختار بين غطرسة إيران الفارسية أو المشروع العثمانى الجديد لأردوغان!
فى الإسلام السياسى علينا أن نختار بين الإخوان أو داعش أو حزب الله.
وفى العراق علينا أن نختار بين «القاعدة» أو قوات الحرس الثورى الإيرانى!
وفى العالم علينا أن نختار بين اللادور الأمريكى لإدارة باراك أوباما، وبين سياسة ملء الفراغ التى يتبناها فلاديمير بوتين.
وفى فلسطين علينا أن نختار بين جنون حركة «حماس» أو انهيار حركة «فتح».
هنا يبرز السؤال العظيم: ألا يوجد طريق ثالث فى الخيارات؟ ألا يوجد شىء يبعدنا عن منطقة المفاضلة بين السيئ والأسوأ؟
علّمنا التاريخ أنه كلما اخترنا الأقل سوءاً لتجنب مخاطر الأسوأ، جاءنا ما هو أسوأ من الجميع، وأبشع من كل ما يمكن أن يخطر على بال الخيال السياسى!
الخيار الأفضل لا يمكن أن يأتى إلينا عبر «خدمة توصيل الأحلام للمنازل» ولكن يأتى عبر وعى وفهم وعلم وإرادة مَن يسعى لبناء دولة عصرية ومجتمع محترم ومنطقة مستقرة.
إن لم نحترم أنفسنا لن يحترمنا العالم ولن نجد أمامنا أى خيار محترم فى المستقبل القريب.
ولا يمكن لنا أن نعيش على التحجج بمنطق «طيب نعمل إيه؟» لأن الواقع سيئ للغاية ويتجه نحو مزيد من التدهور.
هذه الحجة هى بداية النهاية والباب الملكى نحو انهيار أى نظام محلى أو إقليمى أو دولى.
إذا لم يعجبك الحال، حاول تغييره كله، فإن لم تستطع حاول تغيير بعضه، فإن لم تستطع فاترك مكانك لمن لديه القدرة على الإصلاح.
منطق «تشرب بنزين ولاّ سولار يا باشا» هو دعوة صريحة للانتحار.