عماد الدين أديب
أى مجتمع سياسى لا يعترف بوجود حالة صراع بداخله هو مجتمع هالك لا محالة!
منذ بدء التاريخ وكل المجتمعات منذ عصر الإنسان البدائى الأول حتى قيام الساعة تعيش مستويات وأشكالاً مختلفة من الصراعات.
المشكلة التى نحياها فى مصر هى أن الصراع السياسى فيها غير منظم!
ومن أعظم التعريفات العلمية لمصطلح الديمقراطية هو أنها عملية «تنظيم الصراع».
أدرك العلماء أن الصراع هو إحدى حقائق أى مجتمع سياسى، وأن اللجوء إلى الديمقراطية يستلزم تنظيم الصراع.
وتنظيم الصراع يعنى استبدال العنف والفوضى والهمجية بحالة من التنافس والتسابق السياسى المنظم عبر الدستور والقانون بشكل مشروع.
بديل الديمقراطية هو الاستبداد، وعدم تنظيم الصراع يعنى الفوضى والعنف.
نحن مجتمع لا نعرف كيف نختلف، ولا كيف نتنافس ولا كيف نتصارع فكرياً بشكل حضارى ومشروع.
نحن نلعب لعبة دون أن نعرف قواعدها!
نحن نلعب لعبة نتجاهل عن عمدٍ تطبيق قوانينها، ورغم ذلك نريد أن نفوز فيها، هكذا «بالعافية»!
ومنطق «هو كده»، أى منطق سيادة القوة على الحق، لم ينجح على مر التاريخ، وإذا بدا لبعض الوقت أنه منطق الفائز، فإن الأحداث بعد شهر أو سنة أو سنوات تثبت أنه لن يدوم وسوف يُكتب له الفشل.
للأسف الشديد هناك من يخرج علينا فى وسائل الإعلام يقول إنه يريد أن «يمنع الصراع»، وهذا بالطبع أمر من رابع المستحيلات، لأن الخلاف الذى يصل إلى حالة الصراع هو إحدى حقائق الحياة التى لا يمكن إلغاؤها.
ومن مصائب العقل العربى ونمط التفكير الشرقى عدم الاعتراف بحقائق الأمور ورؤية الحياة كما هى.
نعم لدينا صراع فى مصر، لكنه للأسف الشديد بلا تنظيم!