عماد الدين أديب
ويدخل الآن إلى حلبة الصراع السورى اللاعب التركى بكل جبروت القوة، معتقداً أنه قادر على حسم الصراع العسكرى بشكل حاسم.
والذى لا يدركه «أردوغان» أن سوريا هى ملف معقد للغاية يحتوى على صراعات مذهبية وطائفية ومناطقية متأثرة بقوى متصارعة من الخارج قررت أن تمارس حروبها على أرض سورية وبواسطة قوى سورية.
والذى لا يدركه «أردوغان» أنه بدخوله إلى حلبة الصراع السورى سوف يجد نفسه وجهاً لوجه مع الجار الإيرانى والقيصر الروسى.
إيران تعتبر من أكبر الشركاء التجاريين لتركيا، و«أنقرة» تستعد للحصول على جزء كبير من كعكة الثروة الإيرانية التى سوف يتم ضخها فى الاقتصاد الإيرانى عقب إعادة الأموال المجمدة إليها.
أما روسيا فهى مصدر رئيسى للسلاح لكل من سوريا وإيران، وترى فى نظام «الأسد» نوعاً من ورقة الضمان لبقاء التسهيلات البحرية لروسيا من «طرطوس»، وأيضاً هى منطقة استثمار تاريخى لروسيا منذ أن كانت دولة الاتحاد السوفيتى القديم.
والذى فوجئ به «أردوغان» منذ ساعات أنه بالرغم من سماحه للمقاتلات الأمريكية لأول مرة باستخدام قاعدة «إنجرليك» الاستراتيجية، فإن «واشنطن» لم تعطِه تصريحاً أو سماحاً بإقامة منطقة آمنة وعازلة داخل الأراضى التركية.
ومنذ ساعات أكد متحدث باسم الخارجية الأمريكية «أنه لم يحدث أبداً أن واشنطن وافقت على أن يكون لتركيا منطقة عازلة فى سوريا، وأن الاتفاق الأساسى بينهما هو التنسيق والتعاون لمواجهة تنظيم داعش فى سوريا والعراق».
ويأتى التصريح الأمريكى بمثابة صفعة سياسية لـ«أنقرة» التى صرحت بأنها حصلت على موافقة الأمريكيين بإقامة منطقة آمنة فى سوريا.
الدخول التركى على خط الحرب الأهلية السورية رغم أنه جاء متأخراً، أى منذ عام 2012، وجاء بعد تردد وحسابات طويلة، فإنه لم يكن فى الاتجاه الصحيح.
التدخل التركى فى جميع أحواله لا يمكن أن يحقق كل أهدافه إذا اكتفى بالتسهيلات العسكرية والضربات الجوية. وفى حالة قيام الجيش التركى بالتدخل البرى فهو بذلك يكون قد غرق فى مستنقع لا يمكن الخروج منه إلا بعد سنوات، بسبب شدة تعقد الوضع العسكرى على الأرض هناك.
فى كل مرة يحسب «أردوغان» المسائل بمنطق المكسب والخسارة ويربح، ولكن هذه المرة سوف يكون عليه أن يتعلم طعم الخسارة!